رؤى ومقالات

ياسر سليم يكتب ….الشيخ الشعراوي وابراهيم عيسى : الاستعراض الأخير

في أواخر حياة المرحوم #اسماعيل_ياسين ، حاول الفنان الراحل التشبث بتلابيب المجد الآفل فقام ببطولة مسرحية، اجتر فيها كل إفيهاته القديمة، وكل حركات فمه ووجهه التي بدأ ونجح بها، دون جدوى.
لم يضحك الجمهور القليل الموجود في المسرح، وانصرف قبل أن تنتهي المسرحية، إيذانا بموت الفنان كوميدياً، فعاد خطوة أكبر للوراء، وسافر إلى لبنان يقدم في ملاهيها الليلية مونولوجاته، تلك التي بدأ بها في كباريهات القاهرة، وحتى هذه لم تفلح، فأدرك الفنان أنه آن له أن يموت، فمات مثقلاً بالديون.
#ابراهيم_عيسى الآن في مثل نهايات اسماعيل ياسين، يحاول أن ينجح بما بدأ به أولى كتاباته في روزاليوسف بانتقاد الشيخ #الشعراوي رحمه الله، تلك الكتابة التي كانت فاتحة الخير عليه يومها، لعلها اليوم تنجي شمسه الصيفية من الغرق في الغروب.
قرأ الشاب الريفي ـ القادم من #المنوفية والمتدرب في المجلة بتوصية من خاله السياسي والناشر المعروف ـ سياسة المجلة الشهيرة آنذاك، قرأها جيداً وعرف بذكائه أن أي كلام سيكتب في حق أي شيخ، سيجد طريقه للنشر، فاختار أن يبدأ بالشيخ الأشهر.
حينما تقرأ ماكتبه الشاب اليافع ـ آنذاك ـ تدرك أنه لايرقى للتصنيف تحت أي فن من فنون الصحافة، فلا هو خبر محمل بجديد؛ ولا هو تحقيق مدعم بمصادر، ولا هو تقرير موثق بمعلومات.
في أفضل التقديرات يمكن تصنيفه كمقال لشاب هاو للكتابة، ولكنه نُشر وكان لعنوانه نصيب على غلاف المجلة، لأسباب تتعلق بسياستها التخريرية.
ومثل الممثل محمد سعد الحالب لشخصية الليمبي حتى الدم، كتميمة جالبة للحظ في كل مرة، استثمر عيسى مجدداً خطة الهجوم على الشعراوي وقام بنشر كتاب عام 1994 عنوانه “أفكار مهددة بالقتل”، جعل الشعراوي صاحب أهم هذه الأفكار.
نفس الإفيه القديم يكرره عيسى عساه ينجح مجدداً اليوم، فيقول إنه لم ير شيخاً يمثل مجموعة من الأفكار المناهضة للعلم إلا الشعراوي.
وأعاد مؤخراً نشر غلاف الكتاب على حسابه بـ #تويتر ، مصحوباً بتعليق يشي بأن هناك ما يدفع عيسى لاجترار إفيهاته العتيقة، مدفوعاً برغبة جامحة للبقاء على خشبة المسرح لأطول وقت ممكن، وأنه لا يريد أن يموت مثقلاً بالديون.
ربما انتاب الفزع ابراهيم وهو يكتب ـ مؤخراً ـ اسمه الأول في موقع #جوجل ، ليرشح له الموقع أكثر من عشر ترشيحات، ليس بينهم #ابراهيم_عيسى ، كما حدث معي وأنا أبحث عنه.
من المؤكد أن ذلك يمثل نذيراً لأحد رواد مدرسة الزياط التنويري بأن نجمه آخذ في الأفول، وأنه لم يعد ذلك المثير للجدل كأسلوب للبقاء في الأضواء، بدليل أن اسمه لم يعد محط أصابع رواد الانترنت، رغم محاولاته التشبث بأضواء الكاميرا، ولو كانت كاميرا قناة #الحرة ، الرامية لتحسين صورة#أمريكا لدى #العرب ، بحسب إعلان وزارة الخارجية الأمريكية نفسها.
من المؤكد كذلك أن ابراهيم، الذي حطم طوال عمله كل أركان “علم” الصحافة، لصالح الإثارة، لو كان فعلاً جاداً في إعلان حرب على أفكار الخرافة المعادية لـ”العلم”، لوجد ضالته في كثيرين مقربين للسلطة الآن، ولكن السلطة يدها ثقيلة، وقد جربها.
يقول ابراهيم إن الشعراوي هو الأكثر تأثيراً، لذا فإنه الأجدر بالنقد، ولو سألت أشد المفتونين بالشيخ عن خرافة يؤمن بها نتاج تأثره بأفكاره لما وجدت، يعني إذا سألته هل تنكر يابني كروية الأرض؟ هل تستنكر العلم؟ لأجابك بالنفي، بل إن عديدا ممن أعرف عنهم غرامهم بالشيخ الراحل هم علماء في تخصصاتهم.
من السخافة ان نذكر حقيقة معلومة بالضرورة من الدين والدنيا أن الشعراوي بشر يصيب ويخطيء، وله آراء يمكن أن يختلف عليها ويخالفها أقل المسلمين علماً.
ولكن، ولأسباب لا علاقة لها بالشعراوي، كان الأولى بعيسى المتأثر بتراجع أسهم اسمه في محركات البحث، البحث عن أسباب ذلك التراجع، ليفهم أنه ـ بسبب استعراضاته المتقلبة خلال السنوات الأخيرة ـ لو هاجم كلباً بلدياً أجرب لأحب الناس ذلك الكلب نكاية في عيسى.
إذن، فهجوم أصحاب التعليقات على عيسى أسفل تدوينته لا يتعلق بالشعراوي أو دفاعاً عنه، بقدر ما يتعلق بعيسى نفسه، على مشغليه ومموليه الجدد إدراك ذلك.
كان عليه أن يتساءل: لماذا تراجع الاهتمام بما أفعله وأقدمه؟ الإجابة ستفتح عينيه على حقيقة أن أسلوبه المعتمد على الإتيان بكل استعراض غريب ومثير لن يوقفه طويلاً على خشبة المسرح.
كان على عيسى أن يوقن أن انقلابه على كل أفكاره المدعاة من قبل، أسقطه من عيون الجميع، فلا المنقلب إليهم قبلوه، ولا المنقلب عليهم تفهموه.
كل مواقفه، التي عاينها العامة، وعايشها الخاصة، جعلتهم يعتقدون أن الرجل إما أنه كان يمثل عليهم طوال الوقت، وإما أنه ركن مكرهاً إلى كل مكروه، وبات يمارس عادة علنية، في ارتكاب كل ما انتقده من قبل.
كتب عيسى ذات مرة موجهاً حديثه لمبارك قبل خلعه ـ الذي قال ابراهيم إنه كان سبباً في إدخاله السجن بما كتبه عليه وجمعه عنه، ثم لاحقاً شهد لصالحه ـ أنه يتوجب عليه أن يتقاعد، ليقضي بقية أيامه مستريحاً على شاطيء هاديء يدلدل رجليه في الماء وأحفاده يتقافزون من حوله.
أسأل عيسى السؤال عينه: لماذا لاتفعلها يا ابراهيم، وأنت تدلدل رجليك ـ بنرجسية معتادة من أسفل الشورت ـ في حمام السباحة الذي يتوسط فيلاتك الثلاثة بالسليمانية، و عليٌ وإخوته الصغار ـ حفظهم الله وجعلهم أحسن منك ـ يتقافزون من حولك، وقد أدركت أن الزمن تغير؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى