إبراهيم نوار يكتب :لا مكان للحاكم بأمر الله
شاعت في الآونة الأخيرة، في أنحاء مختلفة من العالم، مقولة إن الله اختار حكاما بعينهم لإنقاذ بلادهم، وإن هؤلاء المختارين مسؤولون أمام الله، لأنه اختارهم وعليه حسابهم. غير أن أحدا منهم لم يطلع شعبه على منشور أصدره الله باختياره، أو تفويضه.
الغريب أن ما يشيع في هذا الشأن ينتشر في بلدان تدعي الديمقراطية مثل حالة الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وفي بلدان مصابة بلوثة سياسية دينية متطرفة، مثل حالة نتنياهو في إسرائيل! ومن ثم فإن ادعاء بعض الحكام في بلاد المسلمين بأن الله اختارهم ليس استثناء فيه غرابة.
المشكلة التي يجب أن تنتبه إليها شعوب المنطقة التي ننتمي لها، ويجب أن ينتبه إليها حكامها، خصوصا جيل الشباب، هي أن موجة التغيير التي بدأت في بعض الدول العربية منذ مطلع القرن الحالي كان محركها الأساسي هو “إنهاء مصادرة السياسة”. وتضمنت المحركات الأخرى مواجهة انغلاق الفضاء العام، وزيادة معاناة الطبقة المتوسطة والمحرومين، كل بقدره في النوع والكم من المعاناة.
وكما عبر كثير من السوريين، فإن الوضع بعد سقوط الأسد مهما يكن هو أفضل مما كان، فلن تشهد سوريا أسوأ مما شهدته. لكن بعد أن تنتهي «سكرة» الفرحة بزوال رمز الظلم والاستبداد، تحل بسرعة لحظة «الفكرة» في ما يجب أن يكون عليه الحال. وفي لحظة الفكرة يستيقظ الوعي ويصحو الضمير، ويراود الحلم حقائق الواقع، من أجل خلق فضاء حر فسيح، يتسع للمساواة في التنوع والتعددية ومعايير العدالة والحق.
في هذا الفضاء الحر لا يوجد مكان للحاكم بأمر الله. ولن تقبل الشعوب المظلومة بأن تنتقل مغمضة الأعين، لتهتف باسم فتوة جديد وتصفق له، بينما هو يرفع عصاه عليهم، بعد أن أقصى فتوة سابق عن مقعده.