فيس وتويتر

محمد عبد الباسط عيد يكتب :مفهوم الجهاد ومنطقه

لن تفهم موضوع السابع من أكتوبر بعيدًا عن مفهوم الجهاد ومنطقه، الجهاد مفهوم إيماني بالأساس، وكل عمل إيماني متصل بالنية، والنية من أعمال القلوب.
لا يمكنك فهم ما جرى على الطريقة الحسابية: كم استشهد عندنا وكم قتل عندهم..؟ ليس لأنك إزاء مقاومة باسلة في مواجهة حلف غربي مدجج حاول استئصالها ولم يفلح.. وصمودها – بحد ذاته- أعجوبة هذا الزمان..!
لا يمكنك إنكار ما جرى من منطلق كرهك للق..تل ورغبتك في البحث عن بديل سلمي، من غير المفيد هنا استدعاء نموذج غاندي، خلط السياقات والثقافات، وطبيعة المواجهة ونوع العدو أمر غير منطقي.
لا يمكنك فهم ما جرى بمعزل عن الدين والإيمان، فالحياة الدنيا – هنا- لا تساوي جناح بعوضه، والاستعداد لملاقاة العدو ليس حسبة، ولكنه – بعد الإيمان- استعداد بما في الوسع والطاقة.
في اللغة ثمة فرق بين الفلاح والنجاح، الفلاح يجري في القلوب وفي النوايا، فأنت فالح بمجرد أن تكون في معية ربك، وبمجرد أن تخلص نيتك للق..تال في سبيله..
بل لا يمكنك فهم مشهد الزهو الأخير وهم يسلمون أسرى الكيان اللقيط بمعزل عن إغاظة العدو؛ فالمؤمن لا يجب أن يُري العدو منه ضعفا أو لينًا حتى في أحلك الأوقات. (الدين يقبع خلف الصورة الأخيرة أيضًا)..!
وكذلك لا يمكنك فهم عصا السيد يحيى بمعزل عن هذه السياق؛ فالعصا لن تفتك بطائرة العدوان بالتأكيد، ولكنه منطق الإيمان واستفراغ الجهد وطلب الإعذار حتى آخر رمق.
(هذا جهاد: نصر أو استشهاد).. هذه ليست مجرد عبارة، ولكنها خلاصة ما جرى وما سيجري.!
ما أريد قوله تحديدًا: نحن إزاء منطق إيماني، صحيح أنه لا يتعارض مع العقل، ولكن ليس من الحكمة اختزاله في جداول رياضية..
وأنت قد تقابل في حياتك رجالا يتحدثون عن مفاهيم مثل: الكرامة والشرف والمروءة ولا يبادلونها بالذهب رغم فقرهم وحاجاتهم.. لا تستغرب، فهذا منطق غير حسابي، ولن تدركه بمعزل عن مكوناته الخاصة التي تحكمه…
هذا جهاد، وليس مجرد قتال.. وفرق كبير بين المفهومين، وما يقبع خلفهما من معتقدات وتصورات.
رحم الله شهداءنا،
وشفى جرحانا،
وربط على قلوب أمهاتنا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى