تخلٍّ….بقلم صوفيا الهدار
(لن أخبرك أنني أصبحت أتقن صنع الكعك، وأن ألم ضرس العقل عاودني من جديد، ولن أخبرك عن بقعة الحبر التي لوّثت فستاني الأصفر .
لن تعرف أيضًا أنني أقرأ الآن لأحلام مستغانمي، وأنني ربحت طقم مشابك في مسحوق الغسيل، وبالتأكيد لن يخطر ببالك أنني جربت لعبة الأفعوانية، وأنني في رعبي وصراخي الطفولي تذكرتك.
تفاصيل كثيرة لن أخبرك بها، منها أنني حصلت على درجة جيد في دورة كفاءة اللغة الإنجليزية، وأنني غيّرت رقمي السري في حساب فيسبوك.
ربما لن تتخيل شكلي بعد أن قصصت ضفيرتي الطويلة، وبعد أن تخليت عن لون أحمر الشفاة الوردي؛ ولكني بالتأكيد لن أخبرك.
لا أعرف إن كان سيدهشك أن يدي التي كانت تبحث دائمًا عن يدك في الزحام لتتشبث بها، قد وجدتْ طريقها إلى حزام الحقيبة، فتعلّقت به.
لن أخبرك أيضًا أن صديقك أحمد قد عرض عليّ الزواج، وأنه انفجر غاضبًا في وجهي، لأنه يظن أنني لا زلتُ أفكّر بك.
ولكني لن أخبرك أن قلبي بدأ ينبض لذلك الرجل النحيل، الذي انتقل مؤخرًا إلى قسمنا، فابتسامته التي يرسلها لي مع كل “صباح الخير” المرتبكة؛ تذكرني بك.
نظراته التي يسترقها من خلف زجاج نظارته تقول الكثير، وأبيات الشعر غير الموزونة التي ارتجلها في عيد ميلادي فاح عطرها مع الوردة الحمراء التي احتضنت القصيدة، وأخيرًا اعترافه بالحب وأنا على سرير المستشفى بعد عملية الزائدة.
صحيح أنني لم أتخذ قراري بعد، لكن من المؤكد أنك مهما ألححت على مخيلتي؛ لن أخبرك؛ لأنني لن أغفر لرجل تخلّى عنّي؛ عن الحياة؛ لأجل ثارات القبيلة.