الرقيق الأبيض ……. بقلم // مصطفى الشريفي // المغرب

” الرقيق الأبيض…”
كثر الحديث في الألفية الثالثة عن بعض الرياضات الجماعية، وخاصة لاعبي كرة القدم المحترفين وأثمنتهم الخيالية التي بلغت عنان السماء، والصراع بين الأندية ورؤسائها للظفر بخدماتهم لدرجة المضاربة والتضحية للفوز بالصفقة في مزاد سنوي أو ميركاتي …
هنا، يطرح أكثر من سؤال؟؟؟ حول ماهية شراء اللاعب وماهية الإنسان في حد ذاته كبشر يباع ويشترى.. هل اللاعب بصفته إنسان أصبح سلعة يتاجر بها..؟أأصبحنا أمام ظاهرة تشييء الإنسان بهذه السهولة؟ ترى هل عهد الرقيق عاد بعد أن ظننا أنه ولّى بأشكال أخرى وطرق مختلفة…؟
فعلا هي رياضة قد يتمتع فيها اللاعب بقوة جسدية أو ذهنية هائلة تمكنه من تقديم الخدمة المطلوبة بغض النظر عن القيمة المالية أو العمل الذي سيقدمه مقابل المال الذي سيدفع في حقه .. أكيد أنه لا مقارنة هنا بين عبيد العصور الغابرة ولاعبي كرة القدم أو رياضات جماعية أخرى .. لكن ألا يحق لنا أن نتساءل عما إذا كان بإمكاننا التسليم بهذا الأمر؟ خاصة وأن لاعب الكرة دون النظر إلى لونه أو جنسه قد أصبح يباع ويشترى كالعبد مقابل خدمات معينة تنحصر في تقديم الفرجة من باب تسجيل الأهداف والمراوغات (رقصات) والإشهار وعروض الأزياء… وهي خدمات متنوعة كان يقدمها العبيد والجواري في القصور و الحقول أو المسارح بين أيادي الملوك والأسياد… وهذا لا يعدو سوى أن يكون حوارا على رقعة ملعب بين البهاليل أو المهرجين في موسم حصاد¹ .
ونفسه قد ينطبق على المرأة في بعض الرياضات لتقديم عروض تشبه رقصات داخل مستطيل او حلبة.. و بلباس مثير يعرض لنا أجسادا مختلفة القد واللون، تهتز مع هتافات الجمهور أو تبطش وتقاتل لترضي المناصرين والمقامرين .. كما كانت في العصر الروماني تهتز مسارحها مع وصلات من الشعر والموسيقى ²
قد يقول قائل إن الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء تختلف كثيرا عن أولئك فالعبد الحالي لديه حساب بملايير الدولارات ويمتلك سيارات فخمة وطائرة خاصة…
لكن بقليل من التريث نجد أن النوعين كلاهما موجود … غير أن هناك من يتمتع بالحقوق القانونية وهناك من لا، وهذا أيضا عاشته الحضارات الغابرة …³
إن تَملُّكَ إنسان لإنسان بالقوة وممارسته حق الملكية عليه لا يجوز..⁴ فمهما تعددت الأساليب واختلفت يبقى الاستغلال استغلالاً ولو بعقد وطرق قانونية…مقابل خدمات قد تختلف شيئا ما عما عهدناه من الرقيق والجواري لكنها تبقى خدمة مقابل عقد شراء بشر لبشر أقوى منه مالا و نفوذا وينصاع لأوامره كما تنصاع الأمَة لسيدها…
مصطفى الشريفي
المغرب
————————————
1. المسرح الروماني، ويليم. بير، القاهرة ط.1 ص:37
2. المرجع نفسه، ص: 50
3.نفسه ص: 51
4: الرق ماضيه وحاضره، مجلة عالم المعرفة، عبد السلام الترمانيني. ص16.