د.كمال مغيث يكتب :على هامش وفاة الأستاذ أسامة بسيونى مدير تعليم الباجور:
وزراء التعليم عندما يكونوا صوتا للشعب فى مواجهة الحكم، أو سوط للحكم يلهب ظهور الناس

يقول طه حسين فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر مطالبا الدولة بعمل “كادر خاص” فى المرتبات للمعلمين: إذا كانت الدولة تعمل كادر خاص للقضاة لأنهم يحكمون فى قضايا الأفراد فالأولى بها أن تعمل كادرا خاصا للمعلمين الذين يحكمون فى قضايا الوطن والمستقبل
وفى شتاء سنة 1944، خرج أبى المعلم إلى مدرسته فى قرية الباجور منوفية، وقد ترك أمى ترعاها “ستى” وهى تعانى آلام المخاض، وفى نفس الصباح جاءت الأخبار إلى المدرسة بأن حكومة الوفد برئاسة النحاس باشا وكان أحمد نجيب الهلالى وزيرا للتعليم وطه حسين مراقبا للثقافة فيها، قد وافقت على علاوة هائلة تسمى: “إنصاف المعلمين”، تعطلت فى أروقة الحكومة منذ خمس سنوات، وعاد أبى ليسأل عن المولود فقيل له: بنتا جميلة سميناها “أنيسة”، فقال: بل هى “إنصاف” وظلت أختى الجميلة –رحمها الله – تنادى بإنصاف حتى وفاتها منذ سنوات
وفى مطلع سنة 1950عندما طلب النحاس من طه حسين تولى وزارة المعارف اشترط طه حسين أن تكون ” مجانية التعليم الثانوى” أو قراراته، وهو ما اعترض عليه الملك ولكنه اضطر للقبول لتمسك النحاس به، ويوم حلف اليمين، قال الملك لطه حسين: أهلا بطه حسين رجل المشاكل، فرد طه حسين: المتاعب يا مولاى لا تًطلب لذاتها ولكن يجيئها الإنسان فى طريقه إلى الحق
وفى سنة 1968، وكان جمال عبد الناصر رئيسا للوزراء ويتولى وزارة التعليم الدكتور محمد حلمى مراد، تساءل عبد الناصر عن تدهور مستوى التعليم فى المدارس طالما تتزايد ظاهرة الدروس الخصوصية، وكان رد محمد حلمى مراد حول ضرورة زيادة مرتبات المعلمين وزيادة الانفاق على التعليم وتطوير فلسفته، ما أغضب عبد الناصر وكان سببا من أسباب استقالة الرجل
ولكن نأت لأزمان أخرى ووزراء آخرين:
ففى سنة 1988، أراد مبارك توفير خمسة وثلاثين مليون جنيه، من ميزانية التعليم المتدهور أصلا، فكلف وزير اتعليم أحمد فتحى سرور بالمهمة المنحطة فتفتق ذهنه عن إنقاص سنة كاملة من السلم التعليمى، بإلغاء السنة السادسة، وهو ما أدى لتدهور كبير مازلنا نعانى منه
وفى سنة 2007، وفى ظل تولى يسرى الجمل لوزارة التعليم، عاد تلميذ الصف الخامس الابتدائى من مدرستة الخاصة بالهرم لأبيه المستشار بأكيا لأن مدرسه فى الفصل وبخه وهزأه وذنبه أمام زملائه، وفى اليوم التالى، قاد المستشار ميكروباصا محملا بالبلطجية وأصحاب السوابق وأغلق المدرسة على التلاميذ والمعلمين أثناء طابور الصباح وجذب المدرس الذى وبخ ابنه ليضربه فى حوش المدرسة أمام التلاميذ والمعلمين، ولم يفعل يسرى الجمل شيئا يحفظ كرامة المعلم ولا للمستشار البلطجى
وفى سنة 2017، تولى وزارة التعليم د. طارق شوقى، فلم يرض بالحفاظ على المجانية التى استقرت منذ خمسة وسبعين سنة فأعاد المصروفات للتعليم وراح يعلن أنه قد أعد خطة عظيمة لتطوير التعليم المصرى باستخدام التابلت لينعتق التعليم من نفق الحفظ والتليقين وينطلق إلى العصر
وانتهى الأمر بأن الموضوع برمته كان مجرد صفقة لتسليك شراء التابلت بالمليارات، ومازلت اتحدى الوزارة بأن تكشف عن تقرير واحد حول المنظمة المزعومة وما حدث فيها