رؤي ومقالات

إبراهيم نوار يكتب :حرب ترامب ومستقبل التصنيع في الدول النامية

من المؤكد أن صناعة السيارات في تركيا والمغرب وتايلاند وماليزيا وجنوب أفريقيا سوف تتعرض لصعوبات شديدة مع بدء تطبيق الرسوم الجمركية الانتقامية. وفي هذا السياق فإن المستفيد الأكبر في أوروبا من ذلك هو صناعة السيارات والصادرات البريطانية عموما، خصوصا المصانع الموجودة في أيرلندا الشمالية التي تخضع للرسم الجمركي على بريطانيا بنسبة 10 في المئة، في حين تخضع جمهورية أيرلندا ودول الاتحاد الأوروبي للضريبة الجمركية بحد أدنى 20 في المئة، إلى جانب الرسوم الأكثر ارتفاعا المفروضة على السيارات والصلب والألومنيوم.
وقد يحتاج الأمر إلى إعادة النظر في خطط التوطن الصناعي في الشرق الأوسط، بما يجذب الصناعات إلى الدول الواردة في القائمة البيضاء، على افتراض أن هيكل الرسوم الجمركية الجديد الذي أعلنه ترامب سيظل على حاله. وسيكون من مصلحة الدول النامية الآخذة في التصنيع السريع مثل فيتنام وتايلاند وكمبوديا وموريشيوس ومدغشقر أن تنضم إلى سلاسل قيمة صناعية جديدة تضم دولا ما تزال منخفضة التصنيع، خصوصا في الشرق الأوسط (مصر والمغرب وتونس)، حيث تلتقي طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب.
وفي الظروف الراهنة فإن خيارات التعاون الصناعي تتراوح بين تعزيز وتنشيط شبكات الإمدادات المشتركة بين الدول النامية الصناعية من الصين إلى جنوب أفريقيا وتشيلي، وكذلك إضافة شبكات وسلاسل قيمة صناعية جديدة تعزز التنوع الاقتصادي في العالم. ومن الملاحظ أن الصين تقوم بدور كبير من أجل إقامة مراكز إنتاج جديدة حول العالم من جنوب آسيا إلى شرق أفريقيا إلى الشرق الأوسط.
كما أن فيتنام بدأت أخيرا في عملية إصلاح اقتصادي وإداري واسع النطاق، يستهدف الاستعداد للانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل النمو الصناعي، حتى تتجنب الوقوع في مصيدة الدول «المتوسطة الدخل». وتشمل عملية الإصلاح تطوير البنية الأساسية التكنولوجية والمهارات البشرية، للانتقال من عصر التخصص في الصناعات كثيفة العمل متوسطة المهارات البشرية إلى عصر التخصص في الصناعات الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية. هذا يتطلب إعادة توطين الصناعات كثيفة العمالة في بلدان أخرى. الأمر نفسه ينطبق على بعض الصناعات في تايلاند وكمبوديا.
وسوف تشهد بعض بلدان الشرق الأوسط في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة إقامة صناعات جديدة في الحلقات الدنيا من سلاسل الإنتاج ذات التكنولوجيا المنخفضة نسبيا والصناعات الكثيفة العمل مثل الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والأحذية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى