تاريخ العرب

أقــدم بـورتريهـات فــى التـاريــخ ..” وجـوه الفـيوم”

  • كتب :مصطفي شريف 
  • أقــدم بـورتريهـات فــى التـاريــخ ..” وجـوه الفـيوم”
  • وجوه الفيوم (Fayum mummy portraits ) هو الاسم الذي يطلق علي مجموعة كبيرة من اللوحات يعود تاريخها في الفترة من القرن الاول الي القرن الثالث، و هى مجموعة من اللوحات الواقعية للشخصيات رسمت علي توابيت مومياوات مصرية في الفيوم إبان فترة الوجود الروماني في مصر.
  • قد لا يدرك الكثريين مدى الأهمية التي تمثلها وجوه الفيوم في تاريخ الفن الإنساني، فتلك اللوحات الصغيرة المرسومة بالشمع على الخشب أو القماش بأحجام لا تتجاوز في أغلب الأحيان 20×30 سم تمثل حلقة نادرة في فن التصوير، اذ ساهمت في تشكيلها عناصر ثقافية تميزت بالتنوع والثراء، وخبرات فنية كانت حصيلة تقاليد عريقة لحضارات كبرى
  • تعود تلك البورتريهات الي الفترة الرومانية .. و تمثل الوجوه ملامح هيلينية- يونانية و رومانية و مصرية .. و خليط من هذا كله
    خلال الفترة الهيلينية-الرومانية في مصر استقر الكثير من اليونانيين في اقاليم مختلفة و لكن تركزوا بالتحديد في الفيوم. 
    و عند مجئ الرومان الي مصر كان اليونانيون قد اختلطوا بالمصريين و اكتسبوا العديد من الطقوس الدينية و الاجتماعية و التي تتضح في تلك الطقوس الخاصة بدفن الموتي و تجهيزهم. و في نفس الوقت كان الاختلاط قد مزج بين الملامح التشريحية للجنسين ..
  • كان أول من نبه الأذهان إلى وجود صور الفيوم ومدى أهميتها التاجر النمساوي “جراف” الذي كان يعمل في مجال تجارة التحف، ففي عام 1887م اقتنى العديد من هذه الوجوه من أولئك الذين كانوا ينبشون الجبانات القديمة ويستخرجون كل ما تصل إليه أيديهم دون أن يدركوا قيمته الحقيقية، ولقد حمل “جراف” وجوه الفيوم إلى أوربا حيث أجرى عليها دراسة علمية، ثم أقام معرضا في مدينة برلين عام 1889 اشتمل على ست وتسعين لوحة، ولقد بلغ عدد اللوحات التي تاجر فيها حوالي ثلثمائة صورة قام ببيعها إلى العديد من المتاحف الأوربية الشهيرة بالإضافة إلى بعض هواة جمع التحف والآثار.
  • وبدأ علماء الآثار المتخصصون في متابعة هذا الاكتشاف، مثل عالم المصريات الشهير، “بيتري” الذي تناول بالدراسة حوالي مائة وخمس وأربعين لوحة ونشر نتائج بحوثه في لندن أعوام 1889، 1911، 1913، وقام أيضا باستكمال التنقيب فاكتشف واحدة وثمانين مومياء ذات صورة للوجه في منطقة الفيوم، وبعد عشرين عاماً طلب منه العالم الأثري “ماسبيرو” الذي كان مديراً للآثار المصرية انذاك إعادة التنقيب حيث عثر على خمس وستين صورة جديدة، كما اكتشف أحد الأثريين الألمان أربع وعشرين لوحة في منطقة الكوم الأحمر، وكذلك اكتشف الأثري الفرنسي “جاييت” خمس عشرة صورة شخصية وأرسلها جميعا إلى فرنسا
    يوجد اليوم أكثر من سبعمائة وخمسين لوحة محفوظة في المتاحف العالمية، من بينها المتحف المصري، ومجموعة ضخمة بمتحف المتروبوليتان بنيويورك، واللوفر بباريس والمتحف البريطاني بلندن ومتاحف أخرى أقل شأناً، وبالإضافة إلى المجموعات الخاصة للأفراد في مصر وأنحاء العالم، حيث كانت مصر فى وقت تلك الاكتشافات نهبا للجميع فكل من عثر على شيء حمله إلى بلاده، ويذكر أن عالم النفس فرويد كان يمتلك اثنين منها حيث تم تهريب العديد من هذه الأيقونات من وقت اكتشافها سنة 1888.
  • و قد استخدمت الوان من شمع النحل او الوان مائية في رسم تلك اللوحات علي الاغطية الكتانية للمومياوات او علي الواح من الخشب. و كانت تلك الرسومات تغطي رؤوس المومياوات. و يعتقد انها تقوم بنفس الوظيفة الطقسية التي كان يقوم بها القناع المجسم الذي يغطي وجوه المومياوات الفرعونية الاقدم. و هناك دلائل علي انه كان لتلك البورتريهات استخدامات اخري. احد تلك الاعمال و المحفوظ في المتحف البريطاني ما زال يحمل اطار من الخشب مما يدل علي انه كان يستخدم كزينة علي حائط بيت صاحب الصورة و ذلك قبل ان يتحول الي اثاث جنائزي
    يوجد الكثير من اللوحات المكتشفة في المقابر التاريخية في الفيوم، ونظرا للمناخ الجاف والحار للمنطقة فقد حفظت اللوحات بشكل ممتاز، لدرجة أن ألوان الكثير منها تبدو كأنها لم تجف بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى