ثقافة وفنون

“مرآتان”….قصيده للشاعره نهي البلك

كلُّ الوجوهِ التي مرَّت من هنا
تركت عليها علامةً
ظلًا.. يزداد سوادُه أو يبهت
المرآة الطولية
التي تهدَّل وجهُها
من طول وقفتها بجوارِ خزانةِ الملابس
لم تعد صالحةً لأن تعكس له ملامحَ وجهه
بوضوح
صار يمرٌ من أمامها
كأنه ينظر إلى ظلالِ الآخرين
أبيه
واخوته
وأشباحِ عيون أنثوية
توحي له باطمئنانٍ بعيد

الغرفة
التي تبدل عليها ساكنوها
مرارًا
بفعلِ الملل
وتغيرِ المواسم
ومتطلباتِ التجديد وأطوارِ العمر
كل العائلة سكنتها
وزارها الضيوف
من الأقارب
والغرباء
كلهم ألقوا نظرةً على سطح المرآة
وكانت تنظرُ إليهم ملءَ عيونِها
حتى امتلأ جوفُها بملامحِهم

الآن لم يعد سواها
في البيت الخالي إلا منه
اختار الغرفةَ التي تحملها
على جدارِها
كأنها صورة عائلية
وحده يفسر خطوطها

لم ينتبه إلى أن الأخرى
الصغيرة
المعلقة على حائطِ الحمام
منـذ طفولته
كانت تقصر عن قامتِه
كل يوم
وهو ينظر فيها لكي يرى وجهه
بوضوح
وهو يهندم شاربَه
ولحيتَه
قبل أن يخرج للطريق

لم يحزر أبدًا
أنها كانت السبب
في انحناءةٍ خفيفة
في ظهرِه
كانت تزداد حدةً
وثباتًا
كل يوم..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى