ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى رحيل عبد المنعم إبراهيم

هو ‘‘ شارلى شابْلِنْ الْعَرَبْ ‘‘ و ‘‘ كَرَوانُ الضَّحِك الْجَمِيل ‘‘ الفَنَّان الْكَبِير و الْقَدِير ( عَبْدِ الْمُنْعِمِ إبْراهِيم مُحَمَّد حَسَن الدُغبشى ) الشَّهِير بِعَبْد الْمُنْعِم إِبْرَاهِيم ذَلِك المُمثل الْجَمِيل الَّذِى أضحكنا طِوال عُمره الفَنى بَعدما عهِدناه خَفيفّاً مَرِحّاً فُكاهيّاً يُقّدم كوميدياه الْخاصَّة بالرغم أنها لَم تُمكِنّهُ يومّاً مِن احْتِلالِ دَوْرَ البُطولَةِ ! إلَّا أَنَّهَا كَانَتْ لَا غِنَى عَنْها لِإِعْطاءِ طَعَمّاً لَذيذّاً لِلْأَعْمَال الفَنِّيَّة الَّتِى بَدأَها بِأَداءِ الْأَدْوار المُساعدة لَا سِيَّما أَدْوار صَدِيق البَطَل و اسْتَطاعَ أَنْ يُشّكِلَ نَظَرِيَّة ناجِحَة فى إِضْفاءِ أجْواء الكوميديا عَلَى الأفلام جَمِيعِها و شَكّلَ أيضّاً مَعَها ثُنائيات فَنِيَّة فى كُلِ فِيلْم يَقوم بِأَدائِه فَمَن مِنَّا لَا يَتَذَكَّرُ فِيلْم ” سِرّ طاقَيْه الاخفا ” و تِلْك الْمَقولَة ” الْعلْبَة دى فِيها آيَةُ ؟ ” و الَّتِى ظلت مِنْ أَكْثَرِ الجُمَلِ السِينمائية الَّتِى ما إنْ تَتَرَدَّد عَلَى سَمْعِكَ حَتَّى تَتَذَكَّر الرَّاحِل الْعَظِيم تَوْفِيق الدِقَن و الكوميديان الْجَمِيل عَبْدِ الْمُنْعِمِ إِبْراهِيم الَّذِى أُطلق عَلَيْه النُقّاد العَدِيدِ مِنَ الْأَلْقَاب كانَ أَهَمها و أَحَبّها إلَى قَلْبِهِ “ شارلى شابلن الْعَرَب ” .. يُذكر أن أصُول عبد المنعم إِبْرَاهِيم تعود لِقَرْيَة بِوَسَط الدِلْتا اسْمها مَيت بَدْر حَلَاوَة بمُحافَظّةِ الْغَرْبِيَّة لَكِن مَوْلِدَهُ كانَ فى مَدِينَة الفّشْنْ بمُحافَظّةِ بَنَى سويف فى 24 / 10 / 1924م ثُم انْتَقَل بَعْدَها إلَى الْقاهِرَةِ نَظرّاً لِظُروفِ عَمِلِ والِدِهِ ليَسْتّقِرِ بحى بولَاق أبو الْعلَا ذلك الحّى الشّعبى الجَميل الّذى تَطّبَعَ بِملامِحِهِ عَبد المِنعم إبراهيم بَعدما تَعَلّمَ بمَدارسِه حَتَّى حَصُلَ عَلَى دبلومَةِ الْمَدارِس الثّانَوِيَّة الصِناعِيَّة ببولاق و الَّتِى شَهِدّتْ أَوَّلَ اِكْتِشافٍ حَقيقىٍ لمَوهِبَتِهِ التَّمْثِيلِيَّة و ذلك عِنْدَما اخْتارَه مُدرِس اللُغّة الْعَرَبِيَّة الأستاذ ” محمود أبو العَزايم ” لأَداءِ دّورِ فَتاة ! فى مَسْرَحِيَّة غِنائِيَّة بِعِنْوان ” قَناة السوَيْس ” بَعدما كانَ مَحظورّاً عَلَى الْمَسْرَح المَدرسى الِاسْتِعانَة بالطالبات مِنْ الْمَدارِسِ الْأخْرَى و يُذكر أن أَدَّى عَبد المنعِم الشَّخْصِيَّة بِبَراعَةٍ فائِقَةٍ لِدَرَجَة أَن المُشاهدين لَمْ يَعْرِفو أَنَّ مَنْ قامَ بِها رَجُل لا أنْثَى إلَّا بَعْدَ نِهايَةِ الْمَسْرَحِيَّة و صُعود الطَّلَبَةِ عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح لتَحيتِهم و هوَ ما جَعَلَ الأستاذ محمود يُصِرّ على نَصيحَةِ إبْراهِيم بأن يمْتَهِنَ التَّمْثِيل فِيما بَعْد و هو ما اقتَنَعَ به التلميذ عَقِبَ حُصولِهِ عَلى شَهادّة التّوجيهية حيثُ الْتّحَق بالمَعْهّد الْعالِى لِلْفُنون الْمَسْرَحِيَّة و تَخْرّجَ مِنْهُ حاصلّاً عَلَى دَرَجَةِ البكالوريوس عام 1949م و بَعْد التَّخَرُج ضَمَّهُ أُسْتاذَهُ فى الْمَعْهّد الفَنَّان ( زَكَّى طُليمات ) إلَى فِرْقَةٍ الْمَسْرَح الْحَدِيثِ ليُشارِكَ فى عِدَّة مَسرحيات قَدَّمْتها الْفِرْقَة حَتَّى عام 1955 مِنْها ” مُسمار جُحا ” و ” سِتّ الْبَنات ” ليستّقيل بعدها إبراهيم مِنْ الْعَملِ الحُكومى الَّذِى كانَ قَدْ الْتّحَقَ بِهِ أَثْناء عَمَلِه بِالْفِرْقَة كى يَتَفَرَّغ تمامّاً لِلتَّمْثِيل فى مَسْرَح الدَّوْلَة بَعْدَما تَرَك فِرْقَةٌ الْمَسْرَح الْحَدِيث لينْضّمَ إلَى فِرْقَةٍ إِسْماعِيل ياسين الَّتِى تَكَوَّنَت فى ذاتِ الْفَتْرَة و يُذكر أيضّاً و فى عام 1956م أن كانت بدايَةِ الانْطِلاقَةِ المَسرحية لإبراهيم بَعدما قام بِالِاشْتِراك فى مَسْرَحِيَّة ” مَعْرَكَة بورْسَعِيد ” ثُمّ مَسْرَحِيَّة ” تَحْت الرَّماد ” و ” الْخِطاب الْمَفْقود ” و ” جُمْهوريَّة فَرْحات ” و ” جَمْعِيَّةٌ قتِل الزَّوْجات ” و مَسْرَحِيَّة ” الأَيْدِى الْقَذِرَة ” لـ ( سارْتِر ) و جديرٌ بالذكر أن اتجه إبْراهِيمُ إلَى الْإِذاعَة و اُشْتُهِرَ مِنْ خِلَالِها ثُم اتجه مِنْها إلَى التليفزيون فتأَلَّقَ فى العَدِيدِ مِنَ المُسّلسَلات التِّلِيفِزْيونِيَّة مِنْ بَيْنِها ” زَيْنَب و الْعَرْش ” و ” أوْلَاد آدم ” و اسْتَطاع بَلْ وَ تَمّيَّز أيضّاً بِالْجَمْعِ بَيْنَ اللَّوْنَيْن الكوميدى و التِراجيدى فى كَافَّةِ أَعْمَالِهِ الفَنِّيَّةِ ليُثبِتَ أَنَّه فنّانّاً شاملّاً بِمَعْنَى و حَقّ الْكلِمَة .. يُذكر كذلك أن أجاد إبْراهِيم النُطْقَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الفُصحى بِطَلَاقِة ما أَهّلِه ليَلْعَبَ أَدْوار الشَّيْخ الأزْهَرى المُعّمَمْ الَّذِى لايخلوا مِن الطرافَةِ و كَذلِك دور مُدرس اللّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كشَخْصيّة ” الشَّيْخُ عَبْدُ البر ” فى فِيلْم ” إِسْماعِيل ياسين فِى الأسْطول ” و فِيلْم ” السَّفِيرَة عَزِيزَةٌ ” و فِيلْم ” غُضن الزَّيْتُون ” و تَشْهَد عَلَى ذلِكَ أدواره الَّتِى أَدَّاها عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح القومى و مِنْها ” حِلَاق بَغْداد ” و ” مَعْروف الإسكافى ” و كذا البَرْنامَج الإذاعى ساعَة لِقَلْبِك مَع فؤاد المُهندس و عَبْدِ الْمُنْعِمِ مدبولى و قَد بَرَزَ إِبْراهِيمَ هَذا الفَنَّان الْفَذّ و المُتعدد الْمَواهِب فى قُدرته الْعَجِيبَة عَلَى أَداءِ أَدْوار الْمَرْأَةِ الَّتِى لَم تُضاهها قُدرات أَى مُمّثل حَتَّى كِتابَةِ هَذِهِ السُطور ! و تجلى ذلك فِى فيلمين هُما ” سُكر هانِم ” مَعَ كَمالِ الشِنّاوى و عُمر الحَريرى و عَبْدِ الْفَتَّاحِ الْقصْرَى و حَسَن فائِق و سامِيَة جَمال و الفِيلْم الْآخَر ” أَضْواء الْمَدِينَة ” مَع شادِيَة و أحْمَد مظْهِر و أَتْقَن دُور السَّيِّدَة التُركية المُتّفذلِكة علاوة على تمّيُزِهِ فى عَشَراتِ الْأَدْوار الْأُخْرَى كانَ أَشْهَرها ” بَيْن القَصرين ” و ” إشاعَةِ حُب ” و ” الزَّوْجَة رُقِم 13 ” و ” أضْواء الْمَدِينَة ” و ” إِسْماعِيل ياسين فى الأُسْطول ” أمَّا عَنْ الْأدْوار الرَّئِيسِيَّة فَقَدْ كانَ أَهَمّها عَلَى اﻹطلاق هو دَوْرُهُ فى فِيلْم ” سِر طَاقَيْه اﻹخفاء “الذى لَعِب فيه دور ” عصْفور ” الصَحَفى المُكافِحَ الَّذِى يَعثُرَ بالصُدْفّهِ الْبّحْتَة فى مَعْمَل والِدِه عَلَى طاقَيْه الْإِخْفاء لِتَكون بِدايّة رئيسية لِأحْداث الفِيلْم .. يُذكر أيضّاً أن تَزَوَّج إِبْراهِيم أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كانَت الزيجة الْأولَى عَام 1950م مِنْ قَرِيبِهِ أَحَدِ أَصْدِقائِهِ بعد أن وَلَعَ بحُبها عَقِبَ رُؤْيَتِهِ لَها وَ أَنْجَب مِنْها ثَلَاثٌ بَناتِ و وَلَد هُم ” سَلْوَى ” و ” سُهير ” و ” سُميّة ” و ” طارِق ” الَّذِى ماتَ فى رَيْعانِ شَبابهِ و عُمْرَة 37 عامّاً مُتأثرّاً بِمَرَضِهِ و عَقِبَ وفاة زَوْجَتِهِ الْأُولَى عام 1961م تَزَوَّج بَعْدَها بشَقيقتها المُطلقة لعَدَمِ الإنجابْ لَكِنَّه طَلَّقَها بَعْدَ زواجهما بِيَوْمَيْنِ فَقَطْ نَظرّاً للتّشابُهِ الْكَبِير بَيْنَها و بَيْن شَقيقتِها الْمُتّوَفاة ! حيثُ لَمْ يَسْتَطِعْ الْعَيْش مَعَ هَذَا التَّشابُه ثُم تَزَوَّج لِلْمَرَّة الثَّالِثَةِ مِنْ ” عايدَة تلحوم ” اللّبْنانِيَّة و كانَتْ تَعْمَلُ فى مَكْتَب طَيْران الشَّرْقِ الأوْسطِ و أَنْجَبت لهُ ابْنَتَه الرَّابِعَة ” نِيفِين ” الَّتِى تَعِيش حاليّاً فى بَيْروت و أثْناء فَتْرَة زَواجِهِ مِنْها فإذ بِهِ يتزوجَ لِلْمَرَّة الرَّابِعَةِ مِنْ الفنّانّة ” كوثِر الْعَسَّال ” و الغريب مُباركَة زَوْجَتُهُ اللُّبْنانِيَّة تمامّاً لِتِلْك الزيجة ! نَظرّاً لِأَنَّ إِبْراهِيم قَدْ صارَحَها بِرَغْبَتِهِ فى الزَّواجَ مِنْ أُخْرَى لِأَنَّها ” عايدَة ” كانَت مُصابّة بِسَرطانِ الثّدى و ماتَتْ مُتأثرة بِهِ عامَ 1982م أَمَّا الفنانّة كوثِر الْعَسَّال فَظَلْت زَوْجَتَهُ حَتَّى وَفاتِه بَعْدَ أَنْ دامَ زواجهُما 20 عامّاً كامِلَة .. جديرٌ بالذِكرِ أن حَصُل إبْراهِيمُ عَلَى العَدِيدِ مِنَ الْجَوائِز و الأوسِمَة كان أَشْهَرها وِسام الْعُلوم و الْفُنون مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى عام 1983م و دِرْعٌ الْمَسْرَح القَومى الذَهبى فى عام 1986م .. يُذكر أخيرّاً أن كانَ إبْراهِيمُ يَعْشَقُ الْمَسْرَح لِدَرَجَة أَنَّهُ أَوْصَى بَعْدَ مَماتِهِ بِأنْ يَخْرُجَ نَعْشَهُ مِنْ داخِلِ الْمَسْرَح القومى لِأَنَّهُ كانَ يُعِدُه بِمَثابَة بَيْتِه الأصلى و بِالْفِعْلِ عِنْدَ رَحِيلِه تَمَّ تأْجِيلُ إِجْرَاءات الدَّفْن و الْجَِنازَة حَتَّى يُتِمَّ تّجْهِيز الْمَسْرَح لِيَلِيقَ بِجِنازَة عَبْدِ الْمِنْعِمِ إِبْراهِيمَ لتُشيّعَ جِنازَتَه يَوْم 19 / 11 / 1987م بَعْدَ يَوْمَيْنِ كامِلَيْنِ مِنْ رَحِيلِه جَسَدّاً فَقَطْ وَ لَكِنَّه ظّلَ و سَيَظّلَ روحّاً و فنّاً بَعْدَ أَنْ أثرانا بأعمالٍ خالِدَة صادِقَةٌ جَمِيلَة مازالَت و سَتَظّلَ عالقة بأذْهانِنِا و سَنَظّلُ نُرّدِد إفيهاتها الْجَمِيلَة إلى يَوم يُبعثون .. رَحِمَ اللَّهُ عَبْد الْمُنْعِمِ إِبْراهِيمَ و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئاتِهِ و أَسْكَنَهُ فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى