ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى رحيل أحمد راتب

هو ‘‘ الكوميدْيانُ المُكافِحْ ‘‘ و ‘‘ التِراجيدْيانُ المُقْنِعْ ‘‘ و ‘‘ أيْقونّةُ الالتِزامْ ‘‘ الفَنَّانُ الْكَبِير و الْقَدِيرِ أَحْمَد راتِب ذَلِك المُمّثِلُ الَّذِى تَنْفَجِرُ يَنابِيعَ الْفّنِ مِنْ داخِلِهِ و كأن الدُنْيا كُلُّها تُمّثِلَ مَعَهُ وَ هوَ طائِرّاً مَعَها يَفْعَلُ ما يَحْلو لَهُ دونَ أَنْ يَكُونَ كائِنّاً بوهيميّاً أَو غَجَريّاً و لِما لا و هوَ المُهّنِدسُ الَّذِى بَرَعَ فى عالِمِ الْفّنْ و أَبْدَع فى كُلِ الْأدْوارِ الَّتِى اُسْنِدَتْ إلَيْه بِاقتِدارٍ شَدِيدْ حَتَّى أضْحَى نَجمّاً تِليفزيونيّاً و سِينمائيّاً و إذاعيّاً بَعْدَما جَنَى نُجوميَتَهُ مِنْ ثِمارِ سِنِين طَوِيلَةٍ مِنْ العَزِيمَةِ و الْإِصْرارْ و الْإِيمانْ بِما يَفْعَلَهُ لِيُصْبِحَ بَيْنَهُ و بَيْن الشّاشّتينِ الْكَبِيرَة و الصَّغِيرَة و أمام الجُمهور عَلَى الْمَسْرَح حالَة عَشِقٍ أَبَدِيَّة بَعدما أَجاد الكوميديا و التِراجيديا أَجادَةً واحِدَّة لَو لا تَخْتَلِفُ اُذُنْ عَلَى نَبْرّةِ صَوْتَه المُمّيَزَة أبدّاً إذا ما جاءَهُمْ مِنْ أَثِير الرَّادْيو و لَا تَضِل الْعَيْن مَلامِح وَجْهِهِ مُطْلقّاً كُلما طّلَ عَلَيْها فى الشَّاشّة .. ولِدَ راتِبْ فى 23 / 1 / 1949م فى حَى السَّيدَة زَيْنَب بمُحافَظّةِ الْقاهِرَةِ وسطَ أَسَرَةٍ مُتوسِطّةِ الْحال ليَبدأ مشوارَهُ الفّنى و هو طِفْلٌ صَغِير بِمُمارَسّةِ التَّمْثِيل فى الْمَدْرَسَة برغم ماكان يُعانيهِ مِنْ اعْتِراضِ أَسَرْتَهُ بَيْن الْحِين و الْآخَرُ عَلَى مُمارَسّةِ هَذِه الهوايّة لَكِنَّهُ لَمْ يَعْبأ بِذلِك أبدّاً لتَنمو مَوْهِبَتِه بِالتَّمْثِيل شّيئّاً فشّيئّاً عِندما حَصُلَ عَلَى الثَّانَوِيَّةِ الْعامَّةِ ليَتّحِقَ بَعدها بِفِرْقَة التَّمْثِيل بِالجامِعَة أَثْناء دِراسَتِه بِكُليَّة الْهَنْدَسَة فيَلتّحِقَ فى ذاتِ الوقت بِمَعْهّدْ الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة و يحَصُل عَلى بكالوريوس الْمَعْهّدْ الْعالِى مِنه و يُذكر أن حَمَلَ رَاتِب لَقَب ” مُهّنْدس ” رَغِم تَقْدِيمه إقرارّاً مِن الكُليّة لمَعْهّدْ الْفُنون الْمَسْرَحِيَّة بِرَغْبَتِهِ فى الدِّراسَة بالمَعْهّدْ إلَّا أَنْ الموظفين قَد نسوا أَوْراقَه ! ليَظّلَ مُلتّحِقّاً بكُلية الْهَنْدَسَة جامِعَة عَيْنِ شَمْسٍ يدَرُس فِيها إلَى جانِبِ دِراسَتِه بالمَعْهّدْ ليُضحى بَعْد 4 سَنَوات حامِلّاً لشّهادتين فى الْوَقْت ذاتِهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ لَكِنّهُ اخْتار الِالْتِحاق بِالخِدْمَة العَسْكريّة بِشَهادَة الْمَعْهَد و يُذكر أنه لَم يُفارقه الْفَنّ أَثْناء فَتْرَة التَّجْنِيد بَعدما أصر على الالتِحاقِ بِالْوَحْدَة العَسْكَرِيَّة داخِل أسْتُودِيُو ” جَلَال ” عام 1976م لِيشاءَ السَميع العَليم أن يَعودَ إلَيْه نجمّاً يُصّور فِيهِ أَحَدٌ مُسّلسَلاتِهِ فينْطَلِقْ إلَى عالَمِ الشَّاشّة الْفِضيَّة و كانَتْ بِدايَتَهُ بالتِليفزيون لكِن انْطِلاقَتَهُ المُختَلِفة و التَّحَول فى تارِيخِهِ الفّنى بَدأ بمُشارَكَتهِ فى مُسّلسَل ( الْمالَ وَ الْبَنون ) بِشّخصيّة ” السُحْتْ ” تِلْك الشَّخْصِيَّة الَّتِى شَهِدَتْ تَحولاتً كَبِيرَة فِى المُسّلسَل التِليفزيونى الضَّخْم و أَعْلَنْت عَن مِيلاَد نَجْم رائِع لتَتّوالى أَعْمالِه التِراجيديّة فى مُسّلسَلاتٍ كَبِيرَة مِثْل ” بَوَّابَة الْحلْوانِى ” و ” المُرافَعَة ” و ” أُمِّ كُلْثوم ” و الْأخِير نال عَنْه جائِزَة مِهْرَجان الْإِذاعَة و التِليفزيون عَن دَوْرِهِ الرائِع فيه ” الموسِيَقار مُحَمَّد القَصبجى ” عِلَاوَةً عَلَى عَمَلِهِ بِمَسرَح الطَّلِيعَة و السينِما الذى اِتَّسَمَ بالبَساطّةِ و عَدَم التَكّلُفْ إضافَةً لأَدْوار التِراجيديّةِ زيادة عَلى أدائه الْأَدْوار الكوميديّة و كانَ الْقَاسِمُ المُشترك فى مُعظّمِ أَعْمال الفَنَّان عادِل إمام كَما شَكّلَ قاسمّاّ مُشتركّاً فى مُعْظّم أَفْلاَم الشَّباب الحَدِيثَة و يُذكر أن كانَتْ آخِرَ أَعْمالِه السينمائيّة ” فوبيا ” الَّذِى انْتَهَى مِنْ تَصْوِيرِهِ بِالْكامِلِ و عُرَضَ فى عام 2017م علاوة عَلى أَعْمالِه السينمائيّة العَديدة التى كان أبرزها ” جَواب اِعْتِقال ” و ” نوارة ” و ” مستر أَنْد مسز عوَيْس ” و ” قَلْب بريئ ” و ” فأَصْل و نَعود ” و ” نَزَّلَه السَّمَّان ” و ” وِلاد الْبَلَد ” و ” مُحترم إلَّا رُبْعَ ” و ” عَسَل أَسْوَد ” و ” زهايمر ” و ” عِزْبَة آدَم ” و ” بِدون رقابَة ” و ” نَمْس بُوند ” و ” رامَى الاعتصامى ” و ” بوشكاش ” و ” مفيش فَائِدَةٌ ” و ” كابْتِن هيما ” و ” أَلْوان السَّمَا السَّبْعَة ” و ” الْأَولَة فى الْغَرام ” و ” خَلِيج نِعْمَة ” و ” فى شّقه مِصْر الْجَدِيدَة ” و ” عمارَة يعقوبيان ” و ” مَطَب صِناعى ” و ” عَوْدِه النَدْلة ” و ” 1/8 دستة أَشْرار ” و ” مَعلش إِحَنا بنتبهدل ” و ” السفارَة فى الْعِمارَة ” و ” الْحَياة مُنتهى اللَّذَّة ” و ” صايِع بَحْر ” و ” بَنات وسطِ الْبَلَدِ ” و ” التَّجْرُِبَة الدنماركيّة ” و ” مِنْ نَظَرِة عَيْن ” و ” جَحِيم تَحْتَ الْأَرْضِ ” و ” فُل الفُل ” و ” خَيال العاشِق ” و ” طُيور الظَّلَام ” و ” الْفَرَح ” و ” رَغَبات ” و ” الإرهابى ” و ” زِيارَة السَّيد الرَّئِيس ” و ” المَنْسى ” و ” الْإِرْهاب و الكَباب ” و ” اللِعْبْ مَعَ الْكِبار ” و ” لَيْل و خَوَنَة ” و ” حَتَّى لايَطير الدُّخَان ” و ” التّخشيبّة ” و ” المُتَسوِل ” و ” عَلَى بابِ الْوَزِيرِ ” أَمَّا أَشْهُر مُسّلسَلات راتِب عَلَى الشَّاشَة الصَّغِيرَة فَكَانَت ” اُسْتاذ و رَئِيس قِسْم ” و ” ذِهاب و عَوْدِه ” و ” الدَّاعِيَة ” و ” مَكان فى الْقَصْر ” و ” الْهارِبَة ” و ” اللِّص و الْكِلَاب ” و ” بابا نور ” و ” عَنْتَرَة ” و ” مَعَ سَبْقِ الْإِصْرار ” و ” رأفت الْهّجان ” و ” هالَة و المِستخبى ” و ” خُرم إبْرَة ” و ” الفنار ” و ” الْعائِد ” و ” نَسِيم الرَّوْحَ و ” هاى سكول ” و ” الْباشا ” و ” طَرِيقُ الْخَوْف ” و ” لَحَظَات حَرَجة ” و ” أغْلَى مِن حياتى ” و ” الْجَماعَة ” و ” الْمالَ وَ الْبَنون ” و السِّيرَة الْهِلَالِيَّة ” و ” بَوَّابَة الْحلْوانِى ” و ” هِنْد و الدُكتور نُعمان ” و ” غدّاً تَتَفَتَّح الزُهور ” و ” غَوايش ” و ” الْبَشاير ” و يُذكر كذلك أن كان لِرَاتِب إسهاماتّ عَدِيدَة عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح مِثْل ” سُك عَلَى بَناتِك ” و ” الزَّعِيم ” و ” كَتْكوت فى الْمِصْيَدَة ” و ” عَفوّاً زَوجتى الْعَزِيزَة ” و ” الملاحيس ” و ” عَفوّاً يا هانِم ” و ” الزِّيارَة انْتَهَت ” و ” الْواد ضَبش عامِل لبش ” و ” وَطَن الْجُنون ” و ” طرزان ” و ” روحِيَّة إتخطفت ” و ” بِشويش ” و ” أَصْل و خَمْسَة ” و ” أَرْنَب و عِفْرِيت و فِيل ” و ” أوْلَاد الْغَضَب و الحُب ” و ” اعْقِل يادكتور ” و ” الصَّغِيرَة ” و ” البَنسيون ” .. جديرٌ بالذِكر أن تَزَوَّج راتِبٌ مِنْ ابْنِهِ خالِه ” فيرا يوسُف ” أنْجَبَت لَهُ ثَلَاثُ بَناتِ هُنّ ” لَمْياء ” و ” لُبنى ” و ” لَمِيس ” و قد ظّلَ راتبِ يُطِلُ علينا بين الحين و الأخر بأعمالِهِ الجَميلَة حَتى صَباحِ يَوْمٍ الْأَرْبِعاءِ الْمُوافِق 14 / 12 / 2016 و هو ذات التاريخ الّذى سَجّلَ رحيله عَنْ عُمَرَ يُنَاهِز الـ 67 عامّاً عَقِبَ تَعّرُضِهِ لَازِمَةٍ قَلْبِيَّةٍ حادَّة و يُذْكر أَنَّ دَخَلَ راتب أَحَد المُستشفيات الْخاصَّة بمنطقة المُهّندسين بَعْدَ إصابَتِهِ بِضِيقٍ فى التنفُس ما اِضْطَرَّه لِلتَّوَقُفِ عَنْ آخَرَ عَرْضَ مَسرحى لَه ” بَيْت السُلُطّاتْ ” لتَتِمَ الِاسْتِعانّة بِأَحَد النُجوم الشَّباب لِلْقِيَام بِدَوْرِه حَتَّى يَتماثَل لِلشِّفاء لَكِِنَّهُ لَلْأَسَف لَم يَتَماثل بَل ازدادَتْ حالَته سوءً ليَتَوَفَّى إكلينيكيّاً قَبْلَ وَفاتِهِ رَسْمّياً بِيَوْمَيْن بَعْدَ أَنْ داهَمَتْه أَزْمَةً قَلْبِيَّةً تَسَبَّبَت فِى عَدَم قُدرَتِهِ عَلَى التَنّفُس بِشّكلٍ سلَيْم و لِذلِك تَمّ وَضَعَهُ عَلَى جِهازِ التَنّفُسِ الصِناعى إلى أن فارَقَ الْحَيَاة .. يُذكر أخيرّاً أن صرحَ راتِب فى أحْدَ اللقاءاتِ الإذاعِيَّة أَنَّه اِسْتَسْمَح الفَنَّان الْكَبِير فُؤاد المُهّندِس أَثْناء عَرَض مَسْرَحِيَّة سُك عَلَى بَناتِك أَن يُعطيه مِساحَةً ليُظهر فِيها حُضوره لَدَى الجُمهور مِثْلَما أَعْطَى ذات الْمِساحَة للفنّان ” مُحَمَّد أَبو الْحَسَنِ ” و رَدَّ عَلَيْهِ المُهّندِس بِالْموافَقَة بِشَرْطِ إنْ تَسَبَّبَ ذلِكَ فِى إفْسادِ الْمَشْهَد سَيَكُون ذلِكَ آخِرَ اشْتِراكٍ لَهُ فِى الْمَسْرَحِيَّة و سيّسْتبدلَهُ بفنّانْ آخَر و وافَق راتِب و تَمّ المُتّفَقَ عَلَيْهِ وَ فى نِهايَة الْعَرْض ظّلَ رَاتِب مَرعوبّاً مِنْ رَدِ فِعَل المُهّندِس تِجاهِهِ بِسَبَبِ حَدّةِ نَظَراتِهِ لَه أَثْناء تَمْثِيله لِلْمشْهِد بِالرَّغْمِ مِنْ اِسْتِجابَة الْجُمْهور بِشِدَّة لِراتِب و تفاعُلَهم مَعَه ! إلَّا أنْ ذلِكَ الرُعب قَدْ زالَ بمُجَرَد أَن احتَضَنَه فؤاد المُهّنْدِس و قَبّلَهُ بَعْدَ انتهاءِ العَرض و قالَ لَهُ ( كُنت أَكْثَرَ مِنْ رائِع يا أحْمَد و أنا تَعَمَّدَتْ أبُصِلَكْ و أبينلَكْ إن أدائكْ مِش حِلْو عَشان أحَمِسَكْ أكْتَر و أخَلِّيك تِطْلَع كُل إللى عِنْدَكَ وَ قدرْت فِعلّاً أحَقّقْ دَه لِأَنَّ الْجُمْهورَ كان مُتَفاعِل مَعاك كُلّ مَدَى أكْتَر مِن إللى قَبْلَهُ و أَنا فَرْحان بيك جدّاً و زَعْلان إِنِّى ماعرِفْتِش أكْتَِشَف فِيك الْمَوْهِبّة الْكَبِيرَة دى لو إلا كُنت أَنا إللى حاطلُب مِنْك الطَّلَب دَه و مِشْ حاستنى لِما أَنْتَ إللى تُطلُبُهْ ” .. رَحِمَ اللَّهُ أحْمَدَ راتِب و تَجاوَزَ عَنْ سَيئاتِهِ و أسْكَنَهُ فَسيحَ جَنَّاتِهِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى