رؤى ومقالات

أ. خديجة بن عادل تكتب… الأدب ليس مشروعا لقنص الفرص في أعين المرتقين أخلاقيا

 

الشاعر الفطن لا تنطلي عليه حيل مبيتة من برنامج ذي خطة مدروسة منكيانصهيوني

لا شك أنَّ تباين الآراء، واختلاف ردود أفعال الأدباء، الشعراء العرب في العالم حولمسابقة ((أمير الشعراء)) المنظمة تحت وصاية إمارة ((أبو ظبي)) أمر طبيعي بالترحيبالكامل، أو الرفض التام والمقاطعة لأنه صراع فكري، وثقافي في مجابهة الأصحِّ، الأرشدوالزبد الذي سرعان ما يرحل.

في بداية مواسمها الأولى كان لجائزة المسابقة نكهة عند الشاعر العربي حيث تكون لهفرصة لإبراز قدراته الإبداعية والارتقاء.. كما أنها اقتناصة ذهبية، حيث يذيع صيتالشاعر عربياً وعالمياً وبهذا يكون حقق شهرة واستحقاقا يتطلب جهدا سنوات طويلة،والملاحظ بعد تصريح ((إيلي كوهين)) باستراتيجية انضمام الدول العربية والأفريقيةاقتصادياً وفكرياً وسياسياً لاتفاقيةالتطبيع، مع مملكة البحرين والإمارات العربيةالمتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول مثل تشاد والسودان.. تفرقت الطبقةالفكرية المثقفة بين رافض ومؤيد لسياسة إدارة الهيئة الداعمة للمسابقة.

وهذا الاختراق خلق احتداما وجدالا داخل ذات الشاعر بين مشاعره وأفكاره؛ من ضعفتنفسه ولَّى ظهره للركوب وأصبح بين فكي الذئب فريسة سهلة للسحق، لأنه خيّر بين بيعالقيم ويقين فكره ودينه، أمام عوزه وبلادة لامبالاته.

الساحة الأدبية امتلأت بالرويبضة وبائعي الضمير مقابل ملء الجيب وألقاب لا تسمنولا تغني من جوع.. مع الأسف، اليقظة في وطننا العربي أصبحت عاجزة، مشلولة فيظل غزو تكنولوجي وابتكاري.. هيمنت عليهإسرائيلبالقوى الأمنية التي ترصد أيحركة رافضة وغير داعمة لسياستها عربياً، وعالمياً.. فهي تسعى لضمان استقرارهاوأمنها باسم السلام القوي الذي تدعمه بالتعايش والإنسانية المزعومة، الزائفة بتعزيزتحالفها بطبع العديد من الدول وضمِّها للقائمة، حيث أصبح العميل، الخائن فخرًا فيعرف قومه، يتباهى بالولاء لمجلس يفض بكارة العروبة لتصبح نسياً منسيا، تلاشتأحلامها مع ريح الحضيض.

أما فيما يخص السؤال: هل يستطيع البرنامج خطف الأضواء؟ أقولها والحسرة تلوكنينعم لأن غالبية البشرية  تركض نحو التغيير، ومنها الطبقة المثقفة، المخدرة! التهافت علىالربح السريع على حساب الجودة لم يأتِ من عدم.. ففي النفس جنّة ونار، أبيض، وأسود،ارتقاء للسماء أم تشبث بالتراب.. هذا الواقع الذي يفرض نفسه بين الإصرار والبقاء علىالمبادئ والقيم والتشدد عليها، وبين الرغبة في الانصياع والتفلّت حتى تتقزم وتصغروتختنق وسطية الاعتدال والموضوعية بكل مجالات الحياة ومنها الأدب العربي الذيأصبح على محك التطبيع مرغماً لا راغباً.

الملاحظ لشروط المسابقة أن لا يتعدى السن 45 عاما مما يبين للعيان أنه برنامج لتلاقحالأفكار وتبادل الخبرات ونماء الأدب الحديث بصورة مغايرة، يمكن تقبلها من الشاعر دونالتوغل في الخفايا والنيات؛ السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا سعت إدارة الهيئة لجيلجديد تحديدًا؟! لأنهم على يقين أن الشاعر كيان إنسان يشبه البناء، قوة تماسكه وضعفهناجمة من شعوره المطلق بما يدور حوله من مغريات ومتطلبات وتصرفاته تتأتى منتشبع مرآة نفسه من العلم الذي تلاه والذي بُرمج عليه سلفاً وهو جوابه.

أما الشاعر الذي صقلت خبرته منذ سنوات عديدة، مديدة مدرك له عين خبيرة، متطلع،فطن لا يمكن لفهيم مثله أن تنطلي عليه تلك الحيل والنيّة المبيتة من برنامج درس وينفذحسب خطة مدروسة بأدق تفاصيلها منكيان صهيوني“.

الشيء الذي يصقل الطبيعة البشرية، وما تمر عليه من نماء أو احباطات، ناجم عن العبرةالتي خرج بها من مستنقع الحياة من تجاربه النفسية وتفاعله الوجداني والفكري معهابأقل الأضرار سواء أمراض، محن، ابتلاءات، أو حتى فتن، إنَّ هشاشة المشاعر هي المتحكمالأول والأخير.. في إقدام الكذب الذي تناسل وتشعب في وطننا العربي باسم المحافظةعلى التراث والموروث الثقافي، وهي مجرد ضجَّة وفوضى إعلامية صاخبة ترفع من فردشاعر قد تكون سيرته الذاتية متواضعة أمام عمالقة القمم الراسخين.

متى تحول الأدب لمشروع قنص فرص، تلاشت براءته ومسخت صورته.. من مفارقاتالحياة أن تضيق وتبهت صورة الجائزة في عين روضت نفسها على الارتقاء أخلاقياً،والتأمل، حتى تصبح بحجم البعوضة، أو أصغر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى