ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتُب عن: ذكرى ميلاد محمد الشويحى

هو ‘‘ الفَنّانُ الأزهرى ‘‘ و ‘‘ رائدُ فن الشِعْر الحلمنتيشى ‘‘ و ‘‘ مُطرب الموالد ‘‘ المُمثل المُتميز خَفِيفَ الظِلّ ” مُحَمَّدٍ مُحَمَّدِ الشَّيْخ الشويحى ” الشَّهِير بِمُحَمَّد الشويحى ذلك المُمثِلُ خَفيف الطَلة الَّذِى يُعدُ أَحْسَن و أَفْضَلُ مِنْ تَغَنَّى بِالشّعْر الارتجالى الذى يُطلق عليه « الحلمنتيشى » الَّذِى عَرَفَة الْجُمْهور بِهِ مُنْذُ بِدَايَتِه فِى الفِرَقِ الفَنِّيَّةِ الشَّعْبِيَّة و حَتَّى دُخُولِه عَالِمٌ السِّينِما و التليفزيون و هُو أيضاً الفَنّان الَّذِى اُشْتُهِر بِالْتِزامِه الفنى و الدينى و الَّذِى شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ كُل زُمَلائِه الَّذِين شاركهُم فِى أَعْمَالِهِم الفَنِّيَّة و قَد اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْتَلُّ مَكَانَةً بَارِزَة بَيْن جُمهوره عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عَدَمِ حُصوله قَطُّ علَى أىٍ مِن أَدْوَار البُطولَة ! و الحقُ يُقال أَن قَلِيلُون جداً مِنْ الَّذِينَ مُرورا عَلَيْنا بأدوارهم الرَّائِعَة يَسْكُنُون الْقَلْب و لَا يُغادرون و يُغَيِّبُون و لَكِن تَزُورَنا أطيافهم و نَحْن نَائِمون و قَد يَجْهَلُون بِأَنَّ لَهُمْ فِى عُيونُنا قُصُورٌ و رموشنا لَهُم يَحْرُسون و هُم إلَى أعماقنا أَقْرَبَ مِمَّا يَتَخَيَّلُون و كَانَ مُحَمَّدٌ الشويحى بِالتَّأْكِيد واحداً مِنْ هَؤُلَاءِ القليلين الَّذِين تَرَكُوا بَصْمَة غَائِرَة فِى قُلُوبِنا قَبْلَ أَنْ يَتْرُكُوهَا فِى ذَاكِرَة السِّينِما الْمِصْرِيَّة و الْعَرَبِيَّة أيضاً و ذَلِك عِلَاوَةً عَلَى عَدَمِ تعرُضه لأى انتقادات عَلَى المُستوى الشخصى مِثْل الْكَثِيرِ مِن فنانى جيله و هوَ ما يكمُن فِى نَظرته إلَى نَفْسِهِ طَوالَ الوَقْتِ بِطَرِيقِه بِهَا ثِقَةٌ بِالنَّفْس و شُموخ مّمزوج بِدَرَجَة عَالِيَةً مِنْ الشَّفَّافِيَّة و الصَّراحَة و الْوُضُوح فَكان فَنّان كَامِل فِى بِهائِه و مُتوَّجاً بِتَاج ثَقِيلٌ تُرصِّعُه آلافُ اللَّآلِئ و فِى قلبِ كلِّ لُؤْلُؤَة مشهدٌ و فكرةٌ و بيتُ شعرٍ و قلبُ شاعرٍ و روحُ أديبٍ و ليالٍ طوالٌ مِن السَّهر و السّفر و الْقِراءَة و التَّدْرِيب الصوتى و الحَركى و الروحى إلى أن وَصَلَ عَلَى عَرَبَة مَلكية تجُرُها خيولٌ عَربيةٌ قُدَّتْ مِنْ ماءٍ الشِعر و المَلاحم و الْأَسَاطِير فتعلّقتِ الأبصارُ بِعَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ تَحملان إرثاً هائلاً مِن فَرَائِد رفَيْع الْآداب العالَمِيَّة الصَّعْبَة الَّتِى لَا يَقْوَى عَلَى مُطارحتها إلَّا ذَوُو الْبأْس و ذَوُو الْمَوْهِبَة مِن الْحَقِيقِيَّيْن الَّذِينَ لَا تُدثِّرُهم قشورُ الزَّيف و غُلالاتُ الادّعاء ,, « حِطَّةٌ يا بَطَّة يَا فُلْفُل شَطَّه .. دقن الكلبى كلتها القِطَّة » بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمِصْرِيَّة الشَّعْبِيَّة تَغَنَّى « حسون » أو الفَنَّان مُحَمَّد الشويحى ساخراً مِنْ الْمُقَدِمِ « سُنقر الكلبى » بَعْدَ أُحُدٍ المقالب الَّتِى وَقَعَ فِيهَا داخِلَ حَمَّامٍ شعبى عَلَى يَدِ « عَلَى الزِّئْبَق » و الَّتِى أَدَّتْ إلَى إزالَةِ لِحْيَتِه بِالْكَامِل و ذلِكَ ضَمِنَ إحْداث المُسلسل الشَّهِير الَّذِى لَعِب بطولته الفَنَّانِين فارُوق الفيشاوى و أَبو بَكْرٍ عَزَّت و الَّذِى ظِلّ عَالقاً بأذهان الْجُمْهور كأشهر دَوْرٍ مِنْ الْأَدْوار الَّتِى أَدَّاها الشويحى عَلَى الشَّاشَة الصَّغِيرَة .. وَلَد الشويحى فِى 1 / 8 / 1930م فِى مَرْكَز أويش الْحجَر فِى مَدِينَة الْمَنْصورَة بمُحافظة الدقهلية وَسَط أَسَرَه مُتوسطة الْحالُ بَيْنَ 7 مِنْ الأشِقاء سِتَّةٍ مِنْ الْإِناثِ و ذكراً واحِدٍ وَ هُو مُدرس اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْأُسْتاذ ” مَحْمُودٌ مُحَمَّد الشَّيْخ الشويحى ” و حِفْظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ و جَوّدهُ و عُمْرَة أَثْنَى عشَر عاماً مَعَ الشَّيْخِ ” عَبْدِ اللَّهِ البلتاجى ” ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ ليُراجع الْقُرْآنِ مَعَ الشَّيْخِ ” عَبْدُ الْحَلِيمِ القرمانى ” و أخيراً مَعَ الشَّيْخِ ” عَبْدِ الْمَجِيدِ كَرَّم الدِّين ” و بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ حِفْظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الْتَحَق بالازهر الشَّرِيف و حصُل عَلَى الشَّهَادَةِ الِابْتِدائِيَّة و الثّانَوِيَّة ثُمّ الْتَحَق بَعْدَ ذَلِكَ بِكُلِّيَّة اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِجامِعَة الأَزْهَر و تَخْرّجَ مِنْها عَام 1960م و يُذكر أن أَثْناءِ فَتْرَة الدِّرَاسَة الجامِعِيَّة عَام 1955م تَرَأَّس الشويحى فِرْقَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ أُطْلِقَ عَلَيْها ” فِرْقَةٌ الدَّراوِيش ” و الَّتِى تَمَيَّزَت بِأَداء أغانى فِى موالد و شَوارِعِ مِصْرَ الْمَحْروسَة و عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُطربّاً بالموالد ثُمَّ عَمِلَ بالمَسرح الْحَدِيث و قَدْ تَمَيَّزَ بِخُفِّه ظِلُّه فى أَداءِ الشَّخْصِيَّات الفَنِّيَّة المُختلفة سَواءٌ كَانَتْ الشَّخْصِيَّة الَّتِى يُجسدها لـ « لِصّ » أَو لـ « شِرِّيرٌ » خِلَال مايقرُب مِن 124 عَملاً فنياً ما بَيْنَ التليفزيون و السِّينِما و الْمَسْرَح و الْإِذَاعَة إضافة لـ 67 مُسلسلاً كانَ مِنْ أَشْهرِها ” الْفُرْسان ” و ” الْإِبْطَال ” و ” لَا ” و ” الزينى بَرَكات ” و ” الْمالَ و الْبَنُون ” بِالْإِضافَةِ إلَى 26 فيلماً أبرزها ” حِكاياتٌ الْغَرِيب ” و ” السَّيِّد كاف ” و ” الدُّنْيا عَلَى جنَاحِ يمامة ” علَاوَةً عَلَى 22 مَسْرَحِيَّة كان أبرزها ” الْوَزِير العَاشِق ” و ” 7 تَحْتَ الشَّجَرِ ” و ” ميِّت حَلَاوة ” و ” دُموع عَلَى أَسْتارِ الْكعْبَةِ ” و 4 مُسلسلات إِذَاعِيَّةٌ كان أَشْهَرها بَرْنامَج “ الأدباتى ” و البَرْنامَج الإذاعى “ تسالى العصارى ” و 5 سَهرات تليفزيونية أبرزها ” خَمِيس يَغْزو الْقاهِرَة ” و ” الشيطانة ” و ” سُلطانة الطَّرَب ” و ” دَقَّه زار ” و ” سَمَك لَبَن تَمْر هندى ” و ” سَمِع هَس ” و ” الْبَنات و الْمَجْهُول ” و ” الافوكادو ” .. يُذكر أيضاً أن تَزَوَّج الشويحى بِسَيِّدِه مِنْ خَارِجٍ الْوَسَط الفنى و لَهُ مِنْ الْأَبْناءِ اثْنَان ” نَادِر ” و ” بِاسْم ” و ما يُحسب للشويحى عَدم قيامِه مُطلقاً بِأَداء أَدْوار فِى أَفْلاَم هَابِطَة تُثِير الشَّهَوات و الْغَرَائِز بالرغمِ مِن شدة إحتياجه للمال فى بعض فترات حياتِه لِأَنَّهُ كَانَ فنانّاً مُلتزِماً و أيضّاً لِأَنّ الْفَنّ رِسَالَة مِثْلَه كباقى رِسالَات المِهَن الْأُخْرَى فَظَلّ الشويحى يَقُوم بالادوار الْجَيِّدَة غَيْر المُبتذلة حَتَّى وَآفَتُه الْمُنْيَة فِى 22 / 10 / 1996م عَن عُمرٍ يُناهز الـ 66 عَام فِى مُستشفى مَعْهَد ناصِر الْقَاهِرَة لِيُدْفَن فِى بَلْدَتِه الَّتِى عَشِقَها و أَحَبَّها و تَعَلَّقَ قَلْبهُ بِهَا و يُوارى جُثمانِه فِى مَقَابِر عائِلَتِه مَعَ وَالِدِهِ و جَدِّه ,, أمَّا عَنْ إعْمالِ الخَيْرِ فَكانَ الشويحى رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ دائماً يَسْعَى فِى فِعلِ الأعمال الصالِحة وَ يَسْعَى فِى كُلِّ ما يَخْدِمُ قَرْيَتِه و خَيْرٌ مثالٍ عَلَى ذَلِكَ ” سَجَد الشقرية ” بِبَلْدَتِه حَيْث سَعَى فِيهِ وَ اجْتَهَد مِنْ أَجْلِ تَجْدِيدِه .. يُذكر كذلك أن أَسْوأ ذِكْرَى مَرَّتْ عَلَى الشويحى حِينَ جَلَسَ عَلَى إحْدَى مقاهى قَرْيَة وَش الْحَجَر فِى الْمَنْصُورَة و أَثْناء لَعِب الطَّاوِلَة تَوَفَّى صَدِيقِه و هوَ جالِسٌ أمامِهِ بَيْنَ لَحْظَةٍ رَمَى الزَّهْر و الْأُخْرَى وَ تَحَوَّلَت مَعَهُ إلَى عُقدة لِدَرَجَة أَنَّها جَعَلَتْه يَبْتَعِد عَن جِلَسات المقاهى تَماماً حَيْثُ رَوَى الشويحى بِخُصوصِ هَذا الْمَوْضوع مَع المُذيعة سامِيَة الأتربى فِى برنامجها الشَّهِير ” حكاوى القهاوى ” كُنْت بِلُعَب طَاولَه مَع زميلى و بعدين قالى شِيش بيش و هوَّة مِدلدل رأْسَهُ عَلَى الطَّاوِلَةِ و أَنا مَش شايف وشه و فضلت استناه يَلْعَب لَعِبه تَأَنِّيه مالعبش ! روحت زعقت و قولتله ( يَا آخَى أَلْعَب بَقِى و بَطَل الْمَوْت إللى أَنْتا فِيه دَه يا إبْراهِيم ) خَلَاص عَرَفْنا أَنَّها شِيش هِباب بيش ,, أَلْعَب بَقِى أبوس أَيَّدَك ” و لِما لَقِيتُه برضه مالعبش اتضايقت و روحت قافِل الطَّاوِلَة و قَايمٌ و أَنا بِقَوْلِه ” خَلَاص .. قفلت معايا عشان كَذا مَرَّة قولتلك مابَحبش الطَّرِيقَة اللى أَنْت بتعملها دى معايا كُل مَرَّة بِس أَنْت مُصمم برضه تَكَرُّرها ! ” و فوجئت أَنَّه ماردش علىّ و لَا أَتَحَرَّك مِنْ مَكانِهِ ! روحت شادَه مِن أَيَّدَه و قلتله ” قَوْمٌ نَتَمَشَّى شُوَيَّة فِى الْبلَد بِلَا طَاولَه بِلَا نيْله ” و فوجئت و أَنا بِشِدُة بَدَل مايقوم راح وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَ اتَّضَحَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ماقالى ” شِيش بيش ” و أَنَا ماكونتش واخد بِإِلَى ! .. يُذكر أخيراً أن صرح الفَنَّان الرَّاحِل مُحَمَّد وَفِيق عَن الشويحى ” محَمَّدٍ كَانَ فَنّان جَمِيل و إنْسانٌ فِى غَايَة الرَّوْعَة لَمَّا كَانَ يَفْتَح فِى الْهَزار تُحِسّ أَنَّه شارل شابلن زَمانِه و لِما يَبْدأ فِى الْجَدّ تُلَاقِيه تَحَوَّل لِإِنْسان صَارِم و كَارِهٌ جداً للهزار ! و خُصوصّاً لِما يلاقى حَد غِلَطٌ غَلَطِه نَحْوِيَّة أَثْناء تأْدِيَتُه لِلدَّوْر بتاعه و لَمَّا كُنْت أَقُولُه ( حِلْمك عَلَيْنا شوَيَّة يامحمد .. لَيَّة القلبة المُفاجئة دى بس ؟! ) كان يرُد عَلِيًّا و يقولى ( مافيش قَلْبِة و لَا حاجَةَ .. مُحَمَّد الفَنَّان خَلّص كَلَامِه و محَمَّد الحقيقى هوَّة اللى قُدامك دلوقتى إللى مابيطقش حَدّ يبوظ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ يَسْتَهين بيها لِأَنَّ رَبَّنا كَرَّمْنا بيها و نَزل قِرَانَهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَواتٍ بِلِسَانِها ” أَمَّا عملاقة الْمَسْرَح القومى ” سميحة أَيُّوب ” الَّتِى شَارَكَها الشويحى فِى الْعَرْض المسرحى ” دِماء عَلَى أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ” فَقَالَت عَنْه ( اللَّه يَرْحَمُه كانَ دَمُهُ خَفِيفٌ جداً و مُلتزم لِدَرَجَة مَهولَة فِى فَنِّه و فِى عَلَاقَتُه بِرَبِّه لِدَرَجَة أَنَّه رَفَض يشارِك فِى الْمَسْرَحِيَّة لتزامُن بُروفاتها مَع وقْتِ صَلَاةٍ التَّرَاوِيحِ و لِما اتَّصَلَتْ بِهِ لإقناعه قالى ( يَعْنِى انتى عايزة الشَّهْر اللى بستناه ييجى كُلِّ سَنةٍ بِفَارِغِ الصَّبْرِ أطنش أَحْلَى حَاجَةَ فِيهِ ” التَّرَاوِيح ” عشان مَسْرَحِيَّة مُمكن تتعمل بُروفاتها فِى أَىّ وَقْت تَأَنَّى غَيْرِه ؟! و بعدين لِما أُقَابِل رَبَّنا أَقُولُه آيَة ؟ فَضّلتْ البُروفات عَلَى الصَّلَاة ؟! تَغَوَّر الْمَسْرَحِيَّة و يُغَوِّر الْقِرْش إللى حاييجى مِن وَرَآها و لَوْ كانَ حَتَّى مِلْيون جُنَيْة ,, أَنَا مافرطش فِى التَّراوِيح أبداً و لَا بِمال قَارون ) و حِينَما عَلِم مُخرج الْعَرْض ” هانى مُطاوع ” بِهَذا الْأَمْرِ أمَرَ عَلَى الْفَوْرِ بِتَأْخِير بِدء البُروفات ساعَة و نِصْف حَتَّى يَكُونَ الشويحى قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ التَّراوِيحِ .. رَحِمَ اللَّهُ محَمَّدُ الشويحى و تَجاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِ و أَسْكَنَه فَسيحَ جَنّاتِهِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى