يحدث أن أتذكر أمهاتي العراقيات
أستعيد خطواتي في شارع الشابسوغ وسط عمان
ماراً عليهن واحدة إثر أخرى
أيّ نذالة هذه التي سمحت بحنْيِ رؤوسكن ؟!
أيّ جريمة يرتكبها الصيف والغبار وأقدام العابرين ؟!
آه يا أمهاتي
لستُ في حاجة لشراء شيء من بسطاتكنّ
ومع ذلك سأقرفص أمام كل واحدة منكن ،
وسأدعي الحيرة في اختيار علبة من سجائركن المهرّبة
وهدفي أن أشمّ رائحة الأمومة المركّزة
أن أنجح في اقتناص نظرةٍ تشي بشعوركن
نظرة خاطفة من أجلي
من أجل أن أعرف كيف تعايشن المأساة
لكنكنّ لا ترفعن أعينكن إلى الوجوه
لا نفوراً ، ولا جحوداً ، ولا صَغارا
بل خوفا من سقوط صدقة من الإشفاق في حجوركنّ
أنا عرفت هذا يقيناً يا أمهاتي العراقيات
عرفته والتصق بجوف جمجمتي كالصداع .
***
يحدث أن أتذكر أمهاتي العراقيات
يحدث أني أرى فيهن أمهاتي الفلسطينيات والسوريات
أرى بينهن أمي فاطمة ،
فيجفوني السلام والمنام .