ليل العاشقين ـ بقلم يحيي كمندر ـ اليمن
*ليل العاشقين*
نظامُ قوافٍ صغته لفظُه الدُرُّ
ودوحةُ شعرِ من معانيها السِحر
وآهةُ مصدور تنفس زفرةً
فيا ليل بلغ ما يصوره الشعر
يصور حزنا في الفؤاد ولوعة
يذوب اشتياقا إن أهاج به الذكر
يسامر نجم الليل فاضت شجونه
كما فاض بحرٌ تحته يوقد الجمر
أحاطت به الأحزانُ من كل جانب
كذي النون في الظلمات ماج به البحر
ينادي ملاكَ الحسن سيدةَ الهوى
غريقا ببحر الحب يلحو له الأسر
أسير عيون أغرقتني ببحرها
وبحر الهوى مالي على موجه صبر
فتلك التي هام الفؤاد بحبها
وتلك التي من طبعها النأيُ والهجر
إذا أسفرت فالشمس تستر وجهها
وتُغضي حياءً أن يُلم بها البدر
ومن عجب أن الظلام وضده
تجانس فيها في اتساق له سر
غدائرُ شعر يُختفى في ظلامها
وإشراقُ وجه عنه ينبثق الفجر
إذا هي قامت ضوع الكونَ مسكُها
يفوح من الأردان ما مثله نشر
إذا ابتسمت فالدُّر يُطرقُ أن يرى
لآلئ ثغر حشوهُ الشَهدُ والخمر
رُضابٌ به خمر وشهْد معتقٌ
وبين اللمًى شيء يُجن به الفكر
فلو تفلت في البحر والبحر مالح
لأصبح شهدا غير أن به السُكرُ
لها من فنون القول أجملُ منطقٍ
بأسلوب غُنج يستمال به الصخر
فلو نطقت عند الأصم لأسمعت
فيا حبذا منها لسان له سحر
وعيناها عينا جُؤذر غير أنها
تصيد بها دوما ويحلو لها الأسر
فكم من قتيل من سهام جفونها
وكم من أسير ما له في الهوى وزر
تميس بقدٍ أهيفٍ ضامر الحشا
وأردافُها ترتج دوما وتَزَوَّرُ
فالله ما أحلى تثني مسيرها
يدق نياط القلب والأرض تفترّ
ومن مشيها يهتز رمل خطت به
ويُشرق وجه الأرض والزرع يخضرُّ
لَعوبٌ بألباب الرجال ظريفةٌ
وبَضَّة خِدْرٍ لا يُشق لها سِتر
إذا مسحت يوما على رأس بائس
قضى عمره بؤسا وأزرى به الدهر
لأصبح مسرورا وطابت حياته
كما طاب ظاهرها وطاب بها الخُبْرُ
شعر/ يحيى كمندر التهامي ـ اليمن