مريم نعمي تكتب :لبنان بين الدّبلوماسيّة والإعتداءت الإسرائيليّة!!

بلغت الغطرسة الأميركيّة أقصى درجاتها بل وصلت إلى حدّ الوقاحة لتجلس المبعوثة الأميركيّة في لبنان وتجري مقابلة تلفزيونيّة ويطرح عليها المذيع عن رفض لبنان أنشأ لجنة تفاوض مع إسرائيل وأنّ الإنسحاب الإسرائيلي ومسألة المعتقلين غير خاضعة للتّفاوض! لتجيب الأخرى من هو لبنان؟ ولأنّ وزير الخارجيّة اللّبنانيّة “يوسف رجّي” لا يعتبر التّطاول الأميركي تدخّل يمسّ بالسّيادة اللّبنانيّة إختار الصّمت وملاحقة تغريدة السّفير الإيراني المتعلّقة بالسّلاح، واستدعاه إلى السّفارة لمناقشة هذا الأمر!!
لم يكن العدو الإسرائيلي يوماً بحاجة إلى ذريعة لمهاجمة لبنان، بل كلّ مخطّطاته وخرائطه تصبّ في لبنان، بل أنّ أحلامه كلّها لا تتحقّق إلّا من خلال إحتلال لبنان!!
في لبنان كثرت الأبواق الّتي تنطق عربيّاً بلسان عبري، تعالت هذه الأصوات مؤخّراً ونطقت بكلّ ما تريده إسرائيل من لبنان!!
مازال إلى الآن مستمراِ الحديث وبكثرة عن نزع سلاح “حزب الله” وتسليمه إلى الجّيش اللّبناني لتدميره في الوقت الّذي مازالت إسرائيل تحتلّ خمس مواقع لبنانيّة وتحرج الدّولة اللّبنانيّة يوميّاً بإختراقها الأجواء اللّبنانيّة وإعتدائها المستمرّ على المواطنين سواء كانوا في منازلهم أم في سيّاراتهم مع هذه الإعتداءات العسكريّة!!
هناك إعتداءات سياسيّة حيث تنازعت المبعوثة الأميركيّة مع قائد الجيش اللّبناني رافضة استخدامه مصطلح العدو الإسرائيلي!!! بل طالبت حاكم مصرف لبنان الجديد “كريم سعيد” إعطائها ضمانات فـوافق وأكّد لها أنّ أولى خطواته هي إغلاق القرض الحسن!!
الدّولة اللّبنانيّة بأغلب طاقمها الحكومي تصبّ تركيزها في كيفيّة إضعاف لبنان أكثر لإرضاء أميركا ودول الخليج بالتّحديد السعودية، حيث صرّح النّائب “بيار بو عاصي” أنّه مصرّ على تسليم “حزب الله” سلاحه بالغصب وأيضاً النّائب “رازي الحاج” أنّه لن يقبل إلّا بسلاح الجيش اللّبناني على الأراضي اللّبنانيّة!!
السّؤال أين هو سلاح الجيش اللّبناني؟؟
ولماذا لم يُسمح للجيش بالإستفادة من السّلاح المسلّم له جنوب اللّيطاني؟
لماذا لم تسمح أميركا إلى الآن بتسليح الجيش اللّبناني؟
رغم أنّ لبنان إلتزم بالإتّفاق والجيش إستلم سلاح الحزب في جنوب اللّيطاني ودمّره!!
مازال إلى الآن هناك فريق في لبنان يعتقد أنّ الدّبلوماسيّة والبرستيج هو الّذي يحمي لبنان ويوقف الإعتداءات الإسرائيليّة بالوقت ذاته ترسل إسرائيل إنذار جديد إلى الضّاحية الجنوبيّة ويتم قصف المبنى المستهدف على مرأى الرّأي العام، رغم أنّها ليست المرّة الأولى الّتي تستهدف فيها إسرائيل الضّاحية الجنوبيّة.
الخطير في الأمر أنّ الدّولة اللّبنانيّة كانت على دراية بإستهداف المكان المحدّد قبل ثلاثة أيّام وطلبت من الجيش الدّخول وتفتيش المكان والحزب رفض ذلك، ومن ناحية أخرى في كلّ مرّة يحصل فيها الإعتداء على لبنان تهشّم إسرائيل صورة الجيش اللّبناني في أعين المواطنين وتبرزه أنّه جيش ضعيف أمام الإملاءات الأميركيّة، وغير قادر على مواجهة إسرائيل لأنّه يفتقر إلى المقوّمات العسكريّة!
بعد الإعتداء الأخير أصبح موقف رئيس الجّمهورية ورئيس الحكومة صعب أمام البيئة الحاضنة للمقاومة بل أفقدتهم مصداقيّتهم، لأنّ خطاباتهم أثناء تأدية القسم وتشكيل الحكومة تتنافى مع أفعالهم فهم لا يفعلون سوى إدانة إسرائيل فقط!!
تشير التّقديرات إلى أنّ “نتنياهو” قام بقصف هدف مدني مدّعي أنّه بنية تحتيّة لـ “حزب الله” من أجل إفشال المفاوضات الأميركيّة الإيرانيّة، وهذا يدلّ على ضعف موقفه خارجيّاً وأنّه في مأزق في الدّاخل الإسرائيلي!!
بعض التّقديرات أشارت أنّه أخذ الضّوء الأخضر من ترامب أثناء التّفاوضات أن يكثّف عمليّاته العسكريّة من دون أن يتمّ تقسيم لبنان ديمغرافيّاً، أصبح هناك فريقان في لبنان : فريق يرفض الإنصياع للأوامر الأميركيّة ويرفض الإحتلال الإسرائيلي وفريق آخر يبرّر إعتداءات إسرائيل بل يريده لبنان منزوع القوّة في الوقت الّتي تستهدف فيها قطعة جغرافيّة تنتمي للخريطة الواحدة يهلّل ويصفّق ويفرح قسم آخر لذلك!
هذه ليست المرّة الأولى أيضاً..
أمّا بخصوص ملف الإعمار مازال إلى الآن مرهون بتسليم السّلاح!!
هناك فريق يسعى إلى الضّغط وتهشيم البيئة الشّيعيّة متناسياً الإنعكاسات الإجتماعيّة النّفسيّة جرّاء التّميّز الإجتماعي والتّفاوت الطّبقي وإعاقة التّنمية الإقتصاديّة والإجتماعيّة، الملفت أنّ هذه البيئة لا ترضخ بالضّغوطات بل تزداد صبراً وقوّة وتمسُّك أكثر بأرضها ومواقفها من نبذ الإحتلال وإقتناء السّلاح!!
لقد التزم لبنان بكلّ شروط الإتّفاق وقدّم “حزب الله” تسهيلات كثيرة من أجل بناء الدّولة القويّة!!
من يضمن أنّ أميركا وإسرائيل لن تطلب من لبنان بتقديم تنازلات أكثر، منها: التّطبيع!!
هل ستستمرّ هذه الإعتداءات ونبقى نقف خلف الدّولة الضّعيفة؟ ومن سيوقف الأطماع الإسرائيليّة الدّبلوماسيّة أمّا القوّة الحقيقيّة لـ لبنان المتمثّلة عبر سلاحه ومقاومته..