رؤي ومقالات

حمزه الحسن يكتب :إختطاف قطار

أعلن ركاب القطار المخطوف الاضراب عن التنفس وعن النوم وحتى عن الهلوسة والصراخ وعن الانجاب،
رفضوا كل الحريات الليبرالية المتطرفة للنخبة الخاطفة كحرية الشخير والاستحمام والغناء في الحمام، وتمزيق الخدود وتحمل العبوات الناسفة والتخوزق الديمقراطي،
وطالبوا بانهاء عمل الفريق الخاطف في رحلة العشرين سنة الوحشية.
لذلك عقد زعماء القطار المخطوف مؤتمرا ً وقرروا تغيير الكابينة ، أي قمرة القيادة،
ووقع الاختيار على الصف الثاني من سلالة الخاطفين، مع حملة دعائية بالمدافع الثقيلة عن الوجوه الجديدة ـــــــــ من النشالين في السر والزهاد في العلن ــــ لان العراقي يصدق ما يسمع لا ما يجرب بعد ان افرغوه من القدرة على السؤال والفحص والتفكير في دوامة تتجدد ولا تنتهي لكي يحتار بالحاجات البدائية مثل أي مخلوق في المرعى.
الجماعات الجديدة في الانتخابات ـــــــــ كتبت خطأ: الانتصابات ـــــــ ستراعي مصالح وحاجات الاخرين حسب قانون ودستور الكابينة القديمة وحصصها وشرائعها.
من كان اسمه جبار أبو الطرشي في الكابينة القديمة صار اسمه في الكابينة الجديدة محيسن أبو الجص، ومن كان خلف عراب في الكابينة القديمة،
صار في الواجهة كما لو انه انبثق من العدم،
ومن كان يلغف على الخفيف في السر وفي العلن رافع راية
التقوى والنزاهة هو اليوم يحلف بكل ما هو مقدس ان يسهر لخدمة الشعب،
ولا نعرف أي شعب ونحن حشود والحشود ولاء لا تفكر،
حشود العشوائيات أم الحواشي أم حشود الاحزاب،
أم حشود البحث في المزابل أم حشود الأجهزة أم حشود المخيمات أم المنافي أم القنوات ؟
أقسم عراب القطار الجديد ــــــــــ بعد أن غير القناع ـــــ أمام ركاب القطار المخطوف
المربوطين بالسلاسل على المقاعد منذ بدأت رحلة الخطف من عشرين سنة إنه لن يسمح بالتجاوز على نقود ركاب القطار المودعة في صندوق الأمانات،
وهي للاستثمار لا للاستعمال،
وأعلن باليمين الغليظ إنه سيعيد الكحل لعيون النساء المسروقات من الكابينة السابقة،
ويعيد لعيون النفط سوادها ولمعانها، وللشيوخ فحولتهم وللسماء زرقتها بل عقد صفقة مع شركات متخصصة لاستيراد مؤخرات صناعية بعد ان تمزقت القديمة من الرفس والركل والركض في حوالي عشرين سنة في البحث عن ديمقراطية لا يعرف هل هي مشمش أم بطيخ،
ويعيد الحفاظات للاطفال التي سرقها زعيم التكتل الديمقراطي ومصاطب الحدائق التي سرقها زعيم كتلة البناء والاعمار،
بل سيعيد التوابيت والشواهد الرخامية التي سرقها من القبور عراب التجمع الوطني للاصلاح والتغيير،
وسيلغي مواكب وطوابير الحراسات خلف المسؤولين،
لأن الحوامل يجهضن من منظر هؤلاء،
كما أن الاطفال لا ينامون في الليل من مرور المواكب المسلحة كمواكب عصابات،
ويمنع أي زنبور سياسي من وضع مسدسه على خصره ويصدر قانونا لمنع النائبات من عمليات تجميل لان النظام نفسه قد خضع لها في صورته الجديدة.
الكابينة الجديدة في القطار المخطوف، منتخبة من الكابينة السابقة والحشود تذهب الى صناديق الاقتراع بعد فتح باب الحظيرة الى المرعى،
مع المنهاج والعقلية والمدرسة مع فارق وحيد، هو تغيير سيرة الكابينة الجديدة:
من كان سكرتير زعيم نصابين، صار في السيرة الجديدة زاهدا في الحياة،
ومن يعمل في غسل الاموال سراً، صار في سيرته الجديدة خادما للشعب،
وأما من مات والده في حادث دهس وهو يركب البايسكل في العمارة ـــ ميسان،
في نهار أبيض، فصار في سيرته الجديدة إبن شهيد أغتيل وهو في الطريق الى محل المرطبات،
خاصة وأن الجماهير بعد عمى الألوان لم تعد تفرق بين البيضاني والسوداني
لأن المطي ــــ الحمار ــــ نفسه بس تغير “جلاله” لكن ركاب القطار لم يعرفوا حتى اليوم انهم في رحلة خطف جديدة لاربع سنوات عجاف قادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى