ثقافه وفنون

مذكرات الفنان نجيب الريحاني عن فيلم”سلامة في خير”

🖋️ يقول الريحاني في مذكراته عن فيلم سلامة في خير «اشتركت مع بديع في وضع فكرة السيناريو ثم ذهبنا إلي الاستوديو والتقينا الأستاذ أحمد سالم، وعرضنا عليه فكرتنا، ولكنه قص علينا فكرة أخري لا أجد غضاضة في التصريح بأن هذه كانت المرة الأولي التي استحسنت فيها قصة لأي إنسان كان، ووافقني بديع علي صلاحية هذه الفكرة، وكان اختيارنا قد وقع علي اسم «إفراح»، ولكن الأستاذ سالم فضل عليه «سلامة في خير» ..
🎥 وعن مخرج الفيلم نيازي مصطفي يقول الفنان الكبير: صدمت هذا الفتي في ذلك الحين بتصريح غير مستحب، لأنني لدغت من مخرجين قبله، ولكن بمرور الوقت عرفت قيمة نيازي، فاعترفت بخطأي في تقديره، فهو كفء مخلص لفنه. وكانت اجتماعات متعددة متتالية بيني وبين بديع ونيازي، عالجنا فيها وضع السيناريو وربط موضوعه وحوادثه ..
🎥 وسرنا في عمل الفيلم وحولنا جو من التفاهم التام لم يكن لي به عهد من قبل، فقد كان المخرج يعمل في حدود واجبه، وكثيراً ما عاوننا بأفكار ثاقبة وآراء ناضجة، فكنا نحن الثلاثة نواصل العمل سويا، وكل منا يشعر بأنه يؤدي فرضاً واجباً يدفعه إليه الإخلاص والحرص علي النجاح». وأثناء مونتاج الفيلم صرح نيازي لمجلة «المحروسة» عدد ١٩ أكتوبر ١٩٣٧ قائلاً: «عندما عهد إلي الأستوديو لإخراج هذا الشريط ..
🎥 وكان علي بطبيعة الحال أن أتصل بالأستاذ نجيب الريحاني لكي نشترك سوياً في وضع سيناريو الشريط وإعداد مواقفه، وكانت هذه أول مرة أتصل فيها عملياً بالريحاني فلم تكن لديه فكرة واضحة عني ..
🎥 ولهذا شعرت عند أول مقابلة لي معه بأنه ينظر إلي وكأنه لا يصدق أنني كفء للقيام بمهمة إخراج هذا الشريط الكبير وجعلني شعوره نحوي أشك في نفسي فتولد في شعور الخوف والوجل مما أنا مقدم عليه وتضاربت في نفسي عوامل مختلفة كانت تجعلني أحياناً أفكر في الانسحاب من هذه المهمة الخطيرة.. فليس إخراج شريط كوميدي أمراً سهلاً، خصوصاً بالنسبة للأستاذ نجيب الريحاني ..
🎥 وهكذا تولد شبه سوء تفاهم بيني وبين الريحاني عند بداية العمل، وكانت الظروف تحتم أن أتصل به يومياً هو والأستاذ بديع خيري لإعداد السيناريو بعد كتابته جامعاً كل أسباب السيناريو الفكاهي الناجح حتي لقد أطلقنا عليه اسم السيناريو «البدنجاني»! لأنه يجمع بين مواقف فكاهية مثيرة للضحك إلي درجة الجنون!
🎥 وقد زاد فهمنا لبعضنا أيضاً عندما بدأ العمل في الإخراج والتمثيل، فقد كان نجيب يؤدي مواقفه أمام الكاميرا بسهولة جعلتني أطمئن إلي النتيجة التي سيسفر عنها الشريط بعد تمام إخراجه، وهكذا بدأت أعمل في الشريط وشعور الخوف والوجل يلازماني، ولكني عندما انتهيت منه وجدت نفسي وكلي أمل في النجاح ..
🎥 كان فيلم «سلامة في خير» الذي أنتج وعرض عام ١٩٣٧ أول فيلم تمثيلي طويل من إخراج نيازي مصطفي، وأول فيلم سينمائي يقبل عليه الجمهور من تمثيل نجيب الريحاني، وأول كوميديا سينمائية مصرية ناجحة من الناحية الفنية في الوقت نفسه ..
🎥 تذكر عناوين الفيلم أن القصة من تأليف استوديو مصر، والسيناريو والحوار من تأليف بديع خيري، ونجيب الريحاني، وقد كان المقصود من نسبة قصة الفيلم إلي الأستوديو أنها عمل جماعي للعاملين في قسم السيناريو ..
🎥 عنوان الفيلم يعني أن كل شيء أصبح علي ما يرام، فعندما كانت تتعقد الأمور ثم تحل يقول أحدهم في النهاية سلامة في خير فيرد عليه الآخر وخير في سلامة، بمعني كانت أزمة وانتهت بسلام. وهذا ما يردده بطل الفيلم في اللقطة الأخيرة مع زوجته ..
🎥 وكما كان مفهوم القصة السينمائية ملتبساً إلي درجة نسبتها إلي الأستوديو، كان مفهوم السيناريو أيضاً. فالمؤكد أن خيري والريحاني كتبا الحوار، ولكن التقطيع الفني، أي السيناريو، صنعه نيازي مصطفي باعتباره ضمن عملية الإخراج. فلن يكن السيناريو المكتوب غير تتابع المشاهد أو بالأحري تتابع الأحداث مع الحوار ..
🎥 سلامة «نجيب الريحاني» ساع في محال خليل هنداوي «فؤاد شفيق» يكلف بتوصيل مبلغ كبير من المال إلي البنك ولكن مجموعة من المصادفات تضطره للعودة إلي منزله حيث يعيش مع زوجته ستوتة «فردوس محمد» وحماته ومعه المبلغ الكبير. تقول ستوتة إن لصاً سرق أدوات المطبخ في الصباح، فيأخذ سلامة المال ويغادر المنزل، وينصحه أحد أصدقائه بالمبيت في فندق كبير، وإيداع المبلغ في أمانات الفندق حتي لا يضيع ..
🎥 يذهب سلامة إلي الفندق في نفس الوقت الذي تستعد فيه الإدارة لاستقبال أمير ثري من بلاد بعيدة يدعي كيندهار «حسين رياض»، وفي نفس الوقت الذي يستعد فيه رستم بك «استيفان روستي» لاستقبال الأمير علي أمل أن يتزوج من ابنته جيهان «راقية إبراهيم» ..
🎥 تطلب جيهان من خادمتها ناهد «روحية خالد» في الإسكندرية أن تأتي لها بمجوهراتها، وفي الطريق تتعطل السيارة التي تقل ناهد وتلتقي مع الأمير كيندهار، الذي يعرض توصيلها إلي القاهرة، وعلي باب الفندق يتصور مديره أن سلامة هو الأمير، ويستظرف الأمير اللعبة، ويراها فرصة لاختبار مشاعر ناهد تجاهه، ويتفق مع سلامة علي القيام بدوره لمدة يومين ..
🎥 يري بيومي أفندي، مدرس اللغة العربية، «محمد كمال المصري» صورة جاره سلامة في الصحف علي أنه الأمير كيندهار، فيبلغ الشرطة، في نفس الوقت الذي يكتشف فيه خليل هنداوي أن سلامة لم يورد المبلغ إلي البنك، ويجد سلامة في حقيبة المال عينات من القماش، تقبض الشرطة علي سلامة، ويتدخل الأمير في اللحظة المناسبة ليقول إنه الذي اتفق معه علي تمثيل دوره، ويأتي صاحب حقيبة العينات في اللحظة المناسبة أيضاً، ويفتح الحقيبة فيجد المال الذي يسترده خليل ويدرك أنه اتهم سلامة ظلماً، ويحصل سلامة علي مكافأة كبيرة من الأمير ومن صاحب المحال ..
🎥 وفي الفيلم شخصيات أخري مثل شقيق جيهان الساذج الذي يقوم بدوره حسن فايق، والذي يحب ناهد، ولكنها تفضل كيندهار، وهي لا تعلم أنه أمير، كما يظهر عدد من الممثلين في أدوار ثانوية مثل منسي فهمي وفي أدوار قصيرة أقرب إلي الكومبارس مثل حسن البارودي ورياض القصبجي وجمالات زايد ..
🎥 للوهلة الأولي تبدو نقطة الضعف الأساسية في كمية المصادفات، ولكن المصادفات مقبولة في الكوميديا، ونقطة الضعف الحقيقية في حبكة السيناريو، خاصة عندما تتكاثر الخطوط الدرامية ولا يتحقق التوازن بينها، وعندما يستطرد الفيلم في المفارقات الناتجة عن تصرفات الساعي الفقير وهو يقوم بدور الأمير الثري ..
🎥 ولكن الإخراج يخفي عيوب السيناريو بالتوزيع الصحيح للأدوار، وإدارة الممثلين الحاذقة، وحركة الكاميرا، والتكوين، والمونتاج المتميز، حتي يمكن اعتبار «سلامة في خير» ربما أول فيلم مصري يتخلص تماماً من أساليب الإخراج المسرحية في بدايات الأفلام المصرية الناطقة ..
🎥 يحاول نيازي مصطفي في الفيلم نقد بعض العادات السائدة مثل صخب الأطفال في المنازل، وعدم مراعاة الجيران بصفة عامة، والثرثرة في الهواتف العمومية، وذلك في إطار مفهوم أن السينما قادرة علي تغيير العادات السيئة بتصويرها .. ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى