كتاب وشعراء

شوك وحيد للكاتبه ابتهال الشايب .. سرد اللاوجود بحثًا عن الوجود بقلم / عماد عزت

استطاعت الكاتبة ابتهال الشايب أن تسطّر روايتها باستراتيجية السرد المتوازي، باحثةً عن الوجود عبر كائنات غير موجودة، فشكّلت النص بشخصيات غير إنسانية، واصفةً إياها:
“من شبكة الكائن الميت من الجوع أتذوّق ضعفه.. لون ضعفه أصفر منحاز إلى الأبيض، رائحته كريهة، ثقيل على جوفي”.

وتؤكد على طبيعة هذه الكائنات:
“الشبيه في غرفته يحاول التزاوج بإحدى الكائنات الماصّة للحرارة”.

واجتهدت الكاتبة في وصف التكوين الجسدي للكائنات، متحدثةً عن “الوحيد” بأنه:
“يذهب إلى نسيجه بشجاعة ويغير واقعه، فهو يملك الشوك الكثير اللازم لذلك”.

لهذا، لم يكن عنوان الرواية رمزيًا، بل هو مكوّن جسدي للكائنات بطلة النص، حيث إن جسدها يتكوّن من الشوك والأنسجة.

ويحكي “القدر العظيم”، أحد أصوات السرد:”ذات مرة سمعتُ الملك وهو يحكي لأحد
أصدقائه القدامى، أنه منذ وصول شبابه، خاصةً عندما بزغ اختلافه الجنسي عن ساكني الجزء الغربي، ذهب مرارًا إلى البوابات الشمالية ليغير واقعه. في كل مرة لا يحدث شيء، حتى تركت جميع الأشواك نسيجه الضبابي،
وكأن
كل ما فعله جاء ليُجَزِّم واقعه الأصلي أكثر. خُيِّل إليه أن نسيجه متوقف عن العمل، لكن ذلك أفاده في حياته، فلا أحد يستطيع تغيير واقعه”.

وكانت صفحات النص ملتقى صراع الشخصيات، وكيفية تزاوجها من أجل التكاثر لبناء الأمة.
وجاء حصر بيئة الأحداث داخل “المربع”، لتأكيد الكاتبة على أن هذا الحدث الخيالي ما زال محدد الوجود، ولم ينفجر في الكون بعد.

فهي تشير إلى التغيرات المناخية وتأثيرها على الحياة البشرية، من خلال هذا النص الخيالي:
“الكائنات الماصّة للحرارة ترجّ المكان فرحًا بوصول قوارب الحرارة”.

كما يطرح هذا السرد رؤية الكاتبة لعالمنا المتسارع، والتأثر بالمتغيرات التكنولوجية والمناخية، وعلاقة الأرض/البشر بالعوالم الكونية الأخرى/الفضائية، وترسم الصورة دون تصريح مباشر.. لهذا يحتاج النص إلى قارئٍ مشاركٍ يتخيل ويتعايش مع أجواء النص الصعبة.

ويستمر الصراع داخل “المربع”:
“لقد صرفتِ البوابات نسيجي، يبدو أنها زجّت به إلى الخارج، أو ربما أحدهم سرقه ووضعه في مكان ما في المربع.. البوابات لم تعترضني
في المتاهة أولًا سأبدأ البحث”.

نهاية مفتوحة، وكان النص يقرر أن هذه الحياة لا تنتهي، فهي غائرة في النفس الخيالية، مضمرة في الروح البريئة، التي تواجه صراعات الذكاء الاصطناعي، وتغيرات المناخ، وحروب الهوية والفكر.

ربما “الدبدوب/اللا إنساني” هو الوحيد الذي يشكّل مساحة/لحظة الهدوء النفسي للكاتبة/الإنساني، بعيدًا عن عالم غير إنساني.

إهداء:
إلى كل شيء مضمَر وغائر…
ودبدوبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى