ثقافة وفنون

أشرف الريس يكتب عن: ذكرى ميلاد محمد حسن الشُجاعى

يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ 120 لميلاد ” عملاق الموسيقى الشامخ ” و ” رائد الموسيقى التصويرية فى السينما ” الموسيقار الكبير ” محمد حسن السجيعى ” الشهير بمحمد حسن الشُجاعى و هو الفنان الذى أكد بالتطبيق العملى أن الموسيقى بشكلٍ عام و التصويرية منها بشكلٍ خاص هى لغة الأحاسيس غير المنطوقة التى تنقل إلى المُتلقى دفقة شعورية عالية تجعله يعيش وسط أجواء الحدث و تنشأ علاقة مُتشابكة بين الصورة و الجُمل الموسيقية التى تظل عالقة بذهن المُشاهد فعندما يسمعها مُنفردة يستدعى بذاكرته أحداث و لقطات الفيلم مُباشرة و لقد كان الشُجاعى و الحق يُقال فناناً دمثاً فى خُلقه بمعنى و حق الكلمة التى فلم نجد خلافاً فنياً له قد حدث مع زميل أو زميلة له طيلة مُشواره الفنى الموسيقى بأكمله و لم يتعرض لأى انتقادات فنية أو على المُستوى الشخصى مثل الكثيرين من فنانى جيله و هو ما يكمُن فى نظرته إلى نفسه طوال الوقت بطريقة بها ثقة بالنفس و شموخ ممزوج بدرجة عالية من الشفافية و الصراحة و الوضوح فكان فناناً كاملاً فى بهائه مُتوَّجاً بتاج ثقيل تُرصِّعُه آلافُ اللآلئ و فى قلبِ كلِّ لؤلؤة مشهدٌ و فكرةٌ و بيتُ شعرٍ و قلبُ شاعرٍ و روحُ أديبٍ و عقل موسيقى و ليالٍ طوالٌ من السَّهر و السفر و القراءة و التدريب الصوتى و الحركى و الروحى حتى وصلت على عربة ملكية تجرُّها خيولٌ عربيةٌ قُدَّت من ماء الشِّعر و الملاحم و الأساطير فتعلّقتِ الأبصارُ بعينيه اللتين تحملان إرثًا هائلاً من فرائد رفيعة بالموسيقى الشرقة العذبة و نظيرتها العالمية الصعبة التى لا يقوى على مُطارحتها إلا ذوو البأس و ذوو الموهبة من الحقيقيين الذين لا تُدثِّرُهم قشورُ الزَّيف و غُلالاتُ الادّعاء .. ولد الشُجاعى فى 7 / 9 / 1899م بقرية ميت أبو العز مركز كفر الزيات بمُحافظة الغربية و مات والديه و هو صغير السن و تربى فى أحد الملاجئ حتى التحق بالمعهد العالى الصناعى بطنطا و حصُل على دبلومه و لكنه لم يستهوه العمل بهذا المؤهل فقرر أن يحول هوايته مُنذ نعومة آظافره بعشق الموسيقى لتكون مهنة مُفضلة و مُحببة له فبدا حياته العملية عازفاً على الة ” الترومبيت ” التى كانت أذنه تعشق نغماتها حيث عمل فى فرقه موسيقى الجيش ثم إنتقل لاوركسترا الحرس السُلطانى و كان ذلك فى عهد سُلطان مصر ” حسين كامل ” ثم عمل عازفاً بالفرق الأجنبية التى كانت مُنتشرة بالقاهرة و كذلك الفرق الإستعراضية الوافِدة على مصر فى مسارح ” الكورسال ” و ” الأوبرا ” و كان الشُجاعى قد درس الموسيقى على يد الموسيقار ” باخو ” رئيس فرقة ” موسيقى الراى ” ثم أكمل دراسته الموسيقية بمعهد ” أبرجيريت ” بالقاهرة و حصُلَ على دبلومه العالى و تم تعينه بعد ذلك مُدرساً للموسيقى بالمعهد الصناعى بمدينة دمنهور و فى عام 1939م تم تعيينه مُفتشاً للموسيقى بوزارة المعارف ثم مُفتشاً عاماً للنشاط الموسيقى بنفس الوزارة و فى 1 / 7 / 1955م تولى الشجاعى الإشراف على مُراقبه الموسيقى و الغناء فى الإذاعة المصرية و أنشأ فرقتين موسيقيتين للاذاعة الأولى هى ” الفرقة الشرقية ” و تضم 35 عازفاً و ” أوركسترا الإذاعة ” و كانت تضم 65 عازفاً و كانت نواه لاوركسترا القاهرة السيمفونى و التى قام بقيادتها طوال الفترة منذ عام 1934م و حتى عام 1952م و إستطاع أن يشق طريقه بعزم فكان أول و أكفأ مايسترو عربى فى عصره يُسيطر بشكل كامل على جميع عازفى الأوركسترا ليُخرج منه وحدة فنية مُتكاملة مُدركاً تماماً وظيفة كل آلة فى نسيج اللحن .. عمل الشُجاعى بعد ذلك مُستشاراً للموسيقى و الغناء و الاذاعه و كان بمثابه صمام الأمان للذوق المصرى حيث رفض جميع الأصوات الخاليه من الموهبه من مُمارسه هذا الفن و كان يوبخ أضحابها بشدة و يقول لهُم ” لو صوتك عاجبك قوى و انت بتستحمى مش معنى كده إنه حلو حايعجب الناس .. ياريت تروح تشوفلك شُغلة تانية و مافيش مانع برضة لما تبقى تروح تبقى تغنى فى الحمام و انت بتستحمى عشان ماتحسش إنى حرمتك من حاجة ” .. يرجع الفضل للشُجاعى فى تقديم العديد من المؤلفات الغربية و العربية كما إشترك فى تأسيس نقابة المسرح الغنائى المصرى فى عصره الذهبى إذ أعاد تسجيل أوبريتات لـ ” سيد درويش ” و ” إبراهيم فوزى” و ” كامل الخُلعى” و ” داود حُسنى ” كما قام بتدريس مادة ” التذوق الموسيقى ” فى الجامعة الشعبية و معهد الفنون المسرحية و من أشـهر أعمـاله الموسيقية ” أرض الوطن ” و ” صلاح الدين ” و ” أخناتون ” و ” وادى الملوك ” كما قام بتأليف الموسيقي التصويرية لعدد كثير من الأفلام السينمائية بلغ عددها إثنين و خمسين فيلماً و قام بتأليف عدداً كبيراً من المؤلفات الموسيقية التى تجمع فى مضمونِها بين تاريخنا القديم و تاريخنا الحديث منذ أن كانت صامته و قد بلغ عدد الأفلام التى وضع لها موسيقاها التصويرية 46 فيلماً سينمائياً كان أشهرها ” دنانير” و ” عايدة ” و ” سلامة فى خير ” و ” سى عُمر ” و ” مصنع الزوجات ” و ” غرام و إنتقام ” و” عنتر و عبلة ” و ” روميو و جوليت ” و ” ليلة الجُمعة ” .. تزوج الشجاعى مره واحده من الابنه الكبرى للواء ” محمد عسكر شقيق ” و كان صديقاً للمرحوم الفنان ” احمد عسكر ” مدير
مسرح فرقة يوسف وهبى و لما لم يوفق فى حياته الزوجيه انفصل عن زوجته دون ان ينجب ثم ظل أعزب بقية حياته و فى 10 / 6 / 1963م كانت نهاية الحياة الجسدية و ليست الروحية و الفنية لهذا العملاق حيثُ ضعدت روحه إلى بارئها عن عُمرٍ يُناهز الـ 64 عام بعد تعرُضِه لذبحة قلبية شديدة فشل الآطباء أن يُسيطروا عليها و يحدوا من خطورتها .. رحم الله الموسيقار محمد حسن الشُجاعى و تجاوز عن سيئاته و أسكنه فسيح جناته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى