فيس وتويتر

بدوي الدقادوسي يكتب ….تخصيب الخطاب الديني لا إخصائه كما يريد الساسة

الشعب المصري أول الشعوب توحيدا ولفظا لتعدد الآلهة ، لذا سرعان ما وجد الإسلام صدى في نفوس القبط بعد الفتح ، ولكن ظلت تلك العقيدة القوية تفتقد إلى ترجمة على أرض الواقع ، فهناك فجوة بين عقيدة المصري ” التي لا يقبل أبدا أن يمسها أحد ” وبين سلوكه الذي يصل أحيانا لحد التناقض . مدعيا ” أن هذه نقرة وتلك أخرى!.
وقد تضيق هذه الفجوة في حقب متباعدة ولاسيما في الأزمات والمخاطر التي تهدد كيان الوطن ، وقد تجلت في أفضل صورها في معركة عين جالوت إبان الخطر المغولي ومعركة المنصورة أمام حملة لويس التاسع وفي العصر الحديث وضحت جلية في معركة العبور المجيدة.
وتأخذك الدهشة حين تجد تاجرا يحرص على أداء العمرة والحج ويصلي الفروض جماعة وهو يغش في تجارته وآخر ” متدين” وقد احترف استخراج شهادات ” مضروبة ” واحترف شهادة الزور بالمحكمة لدرجة أنه امتهنها كمهنة تدر عليه دخلا!
وطبيبا مشهودا له بالسلوك الجيد والتدين ويخرج أثناء العمل الرسمي ليباشر مرضاه بعيادته ويشكر الله كلما اكتظت عيادته بالمراجعين ، وعلى نفس المنوال ينسج المعلم المتدين حيث يخرج من المدرسة أثناء اليوم الدراسي ليباشر مجموعاته الخاصة ودروسه التي لا تنتهي إلا بعد منتصف الليل !
لقد أضحى التربح من الوظيفة شطارة بفاخر بها الناس في مجالسهم ولا يرون في ذلك غضاضة ، وقد يُفضّل بعض الناس شخصا تقدم لابنتهم لأنه شاطر و بيعرف يجيب القرش من الهوا !
لقد كان الأمر ” حتى قُبَيْل الألفية الثالثة ” ينحصر في تغّير الموظف حين يصبح مسؤولا فيتربح في حدود وظيفته ، فيغيّر مسكنه من المنطقة الشعبية التي لم تعد تليق بمكانته الجديدة ويغيّر أصدقاءه بشخصيات تليق بالظهور في المناسبات الخاصة به ، ولكن بعد أن يُحال للمعاش ويسقط سيف السلطة من يده ويصير أعزلا منكمشا على كرسي المعاشات بإحدى المقاهي المتواضعة يسب ويلعن في الدولة التي لم تقدر عطاءه وأعطته معاشا لا يسد رمق قطة هزيلة .
ولأننا نملك من الذكاء الاجتماعي ما يجعلنا لا نقع فيما وقع فيه من قبلنا لم نتعظ بما آل إليه حال هذا الرجل ونعرف أن الدوام لله والملك لله ؛ لا بل دفعنا ذلك لمزيد من الاحتياط ، وبدأ مصطلح جديد يظهر ” عايز أأمِن مستقبل ولادي”! فيستبيح ويستحل ويرتشي ويغش ويتآمر حتى يجمع من المال ما يغنيه بعد التقاعد فيقضي بقية عمره بثوب أبيض ومسبحة في أحد شاليهاته بالساحل الشمالي شاكرا الله أن عافاه مما ابتلى به المسؤولين السابقين !!
لقد أصبح الحمل على عاتق رجال الدين ثقيلا ولم يعد هناك مجال للحديث عن قضاء الحاجة في الخلاء وجماع الزوجة المتوفاه وجماع البهائم بل وجب الحديث عن المفهوم الحقيقي للبركة والصحة والسعادة .
إن القيم التي ظلت آيلة للسقوط آلت اليوم إلى أنقاض يتاجر بها أغنياء الحرب ويستخدمون رجال الدين أبواقا لهم مما جعل الرعيل الحالي يكفر بكل شيء ويتجهون للإلحاد بشكل مرعب وللإدمان بشكل أكثر رعبا .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى