فيس وتويتر

مصطفي السعيد يكتب :معركة مصيرية في العراق وسوريا ولبنان

فور بدء انسحاب القوات الأمريكية من العراق في يناير 2011 اندلعت موجة ثورات الربيع العربي، التي لم تكتمل حسب الرؤية الأمريكية، والتي كانت ترى أن إقامة دولة خلافة سنية بقيادة تركيا وقطر وبأدوات تنظيم الإخوان يمكن أن تحل كل مشكلات أمريكا وإسرائيل دفعة واحدة وبأقل التكاليف، فهذه الدولة التي تمتد من تركيا إلى تونس وربما الجزائر والمغرب سوف تستوعب الفلسطينيين، وسيتم طرد ما تبقى منهم في الأراضي المحتلة، والإنتقال للعيش في دولة الخلافة، التي ستقضي على المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ثم تشتبك مع إيران حول العراق في حرب سوف تمتد إلى أبد الآبدين، وستجعل أمريكا تهيمن على عموم المنطقة، لكن 3 عناصر هدمت هذه الخطة العبقرية، أولها صمود سوريا، وثانيها سقوط حكم الإخوان في مصر، ثالثها تخوف دول الخليج من إمبراطورية الخلافة بقيادة تركيا وقطر والإخوان، والتي ستشكل خطرا كبيرا على وجودهم خارج دولة الخلافة، وهو ما يعني أن يفقد ملوك الخليج عروشهم، فانتابهم الرعب، ورفضوا فكرة دولة الخلافة، وشنوا حربا على خلايا جماعةا لإخوان في دول الخليج، وتحولت قطر إلى خصم بعد أن كانت الحليف المهم في الحرب على سوريا وليبيا واليمن وغيرها، وساءت العلاقة مع تركيا إلى درجة العداء.
كان لابد من تعديل خطة دولة الخلافة، فجاء مخطط تقسيم سوريا والعراق، وإقامة دولة على أنقاض داعش، بعد أن يتولى داعش التدمير والحرق والتهجير، تضع أمريكا وحلفائها أيديهم على الأرض التي احتلها داعش، والتي تضم غرب العراق وشرق سوريا، وهو الحلم الذي ما يزال قائما حتى اليوم، وتتغير أدوات إقامة هذا الكيان الضروري جدا لمنع التواصل بين إيران ومن خلفها روسيا والصين من الوصول إلى شواطئ البحر المتوسط، وهو ما يشكل خطرا مزدوجا على إسرائيل والولايات المتحدة، فإسرائيل ستجد إيران على حدودها حسب تعبير قادتها، وأمريكا ستجد الصين وروسيا قد قطعا شوطا كبيرا في إنهاء الهيمنة الأمريكية، وجرى تمديد خطوط السكك الحديدية والغاز والبترول من وسط آسيا إلى البحر المتوسط،وتتغير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة والعالم، ولهذا كان افتتاح منفذ القائم البوكمال إيذانا ببدء المعارك المستعرة الآن في لبنان وسوريا والعراق وإيران، وتعتبرها أمريكا وإسرائيل معركة استراتيجية ستحدد مصير وشكل العالم الجديد.
وإذا أضفنا مأزق كل من ترامب ونتنياهو وحاجة كل منهما لتحقيق انتصار ينقذ مصيره الشخصي، نجد أن المعركة الدائرة ترتبط فيها المصائر الشخصية بمصائر البلدان في تراجيديا تزيد من أهمية وسخونة المعركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى