رؤي ومقالات

صفوت عمران يكتب: حرب الخرائط تشتعل.. ضرب أمريكا بسلاح سري.. والنار تحرق الجميع!!

يحبس العالم أنفاسه، لا يعرف على وجه اليقين أين يذهب، وما هو الإتجاه الصحيح للفوز، بعدما سيطرت الأطماع على الكثيرين من لاعبي المشهد العالمي، ورغم كل محاولات استمرار قاعدة التوازنات الدولية والمكاسب للجميع، إلا أن هناك من يصمم على تجاوز الخطوط الحمراء واستعراض القوة، وشهدت الحروب والأحداث الأخيرة تجربة أحدث ما توصل له كل طرف من أسلحة فتاكة متجاوزة جميع الأسلحة التقليدية..

فجر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قبل أيام من بدء ولايته مفاجأة بالمطالبة بضم كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد شهور من حديثه عن حق إسرائيل بالتوسع على حساب جيرانها من الدول العربية قائلاً: «اسرائيل صغيرة على الخريطة وعليها أن تتوسع» .. وهو ما يؤكد أن الرجل جاء لإشعال ما يمكن تسميته بـ«حرب الخرائط».

وفق مراقبون فإن الخارطة الأمريكية لم تتغير منذ 70 عاماً.. أي منذ تسلم قيادة العالم من الحلف الأنجلوفرنسي، ويؤكدون أن تعديل الحدود الأمريكية سيرسم خارطة جديدة للعالم، وسوف يغير حدود دول منها كندا والمكسيك وجرينلاند، وفقا لنظرية إدارة ترامب الجديدة في تغيير الحدود بالقوة وعدم احترام قدسيتها، وهو ما قد يتسبب في تفجير مزيد من المشاكل في عالم مشتعل بالأساس.

يذهب البعض إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ العصر الأمريكي الجديد الذي ربما يستمر إلى 100 عاماً قادمة، برسم خرائط جديدة غير خرائط الاستعمار البريطاني الفرنسي القديمة، وسوف تتصارع جميع الدول ما بين الاستراتيجية الأمريكية في تغيير خارطة العالم، والرغبة البريطانية في البقاء علي الخرائط القديمة وخاصة خرائط «سايكس بيكو» الخاصة بالشرق الأوسط، حتى لو استمرت بدول منزوعة السلاح لكن مع الحفاظ علي الحدود، كما يحدث في سوريا الآن وما هو مخطط لقطاع غزة ولبنان وجميع الدول الميحطة بإسرائيل.. ورغم فشل تل أبيب في غزة ولبنان يبدو أنها اقرب إلى السيناريو الأمريكي رغم كل الضغوط، فقد انشأت 4 معسكرات في المناطق التي احتلتها في سوريا تمهيداً لتحويلها إلى قواعد عسكرية دائمة، بينما الإدارة الجديدة في سوريا تلتزم الصمت ولا تعقب.. ولا يعرف أحد هل سيكون بشكل دائم أم مؤقت.

السؤال الأكثر أهمية حالياً .. لماذا يريد ترامب تغيير خرائط العالم .. رغم أنه رئيس أكبر دولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.. دولة مساحتها ضخمة ونفوذها واسع ومسيطر؟! .. يرى خبراء أن كلمة السر في الإجابة عن هذا السؤال هي: «القطب الشمالي» الذي يعتبرونه قلعة سر الصراع الجوسياسي العالمي – خلال الفترة القادمة – وهو نصف قارة كاملة مليئة بالثروات والعناصر النادرة لم يصل إليها الإنسان بعد، وهذا ما يفسر رغبة ترامب في ضم كندا وأرض جرينلاند لضمان الوجود الأمريكي في القطب الشمالي .. وذلك بتوافق أمريكي روسي لعزل الصين عن القطب والتحكم في شرق ارخبيل القطب الشمالي الكندي.. حيث أن السيطرة على القطب الشمالي تعيد للإقتصاد الأمريكي المتعثر حيوته لخمس عقود قادمة بحسب خبراء اقتصاديون.. إلا أن هذا المشروع لن يرفض من الصين فقط بل أيضا من دول أوروبا وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتساؤل: هل التحالف الأمريكي مع دول أوروبا يواجه عثرات؟! هل ينتهي شهر العسل بينهم؟! هل تخرج أوروبا من حظيرة واشنطن؟! هل تقبل بريطانيا

نعم عزيزي القارئ.. أمريكا وروسيا أعداء عندما تتقاطع المصالح وحلفاء عندما يتقاسمون الغنائم.. وجميع دول العالم بالنسبة لهم ليست إلا كروت يلعبون بها لتحقيق أكبر مكاسب.. عملا بالمبدأ البرجماتي الشعبي: «سيب وأنا اسيب» .. وهو نفس المنهج الذي تسير فيه أغلب الدول حالياً.. المصالح والمصالح فقط هي من تحكم .. والاتفاق الأمريكي الروسي يقتضي إسقاط كل خرائط عام 1945، وخرائط اتفاقية مونترو 1936 ليكون لروسيا ما تريده في البحر الأسود وفي أوكرانيا وشرق أوروبا مقابل أن يسمح الروس بتوسيع الجغرافيا الأمريكية نحو أرخبيل القطب الشمالي الكندي، وسوف تطالب روسيا بعدها تغيير اتفاقية المضايق وهو ما يعني مواجهة روسية مع تركيا، ومواجهة أمريكية مع كندا والمكسيك، وهو ما ينذر بتوسيع نطاق الحروب التي يشهدها العالم خلال السنوات الأخيرة.. إقامة حكومة العالم الواحدة تعني اختفاء دول وتغيير جغرافية أخرى وتوسع ثالثة.. تعني تغيير كبير في قادة وزعماء دول العالم، وهو ما يفسر المشروع الإسرائيلي القائم على إبعاد وعزل جميع اللاعبين من قادة وزعماء دول الشرق الأوسط وصولاً إلى قتل واغتيال من يستعصي منهم كما حدث مع اسماعيل هنية وحسن نصر الله، واستبدالهم بشخصيات أخرى تقدم فروض وولاء وطاعة جديدة، وهو المخطط الذي أفسدته بعض الدول تعلم أن الكيان – بدون الغطاء الانجلوسكسوني – أوهن من بيت العنكبوت.

ترامب يري أن واشنطن لم تربح شيئا من الإتفاق الأمريكي الصيني في سان فرانسيسكو الذي عقد عام 2023 بين رؤساء البلدين، في المقابل فإن رغبة الصين في خوض المعارك الإقتصادية عوضا عن الصدام العسكري قللت من قوة الحلف الصيني الروسي الذي كان من الممكن أن يتقاسم قيادة العالم مع الأمريكيين، بكين ترى أن أي تحرك عسكري في مواجهة أمريكا يعني «حرب النهاية» التي لا تقبل القسمة على اثنين، لذا تكتفي باستخدام قوة الردع مؤقتاً، للحافظ على تفوقها، ويرى خبراء صينيون أنهم «أمة عظيمة .. سوف تقود العالم يوماً، وأن أمريكا سوف تنهار من الداخل لذا لا حاجة لاستباق الأحداث عملاً بمبدأ دعه يقتل نفسه ولا تلوث يدك بدمه».. بينما يرى مراقبون أن تلك خدعة وأن السياسة الصينية في اختيار الإستثمار الإقتصادي، والبعد عن الحرب العسكرية سياسة مؤقتة سوف تنتهي قريباً وقريباً جداً، بدليل سباق التسلح الذي تقوده بكين التي تسعى لامتلاك الجيل السادس والسابع من الطائرات المقاتلة والدرونات التي تشبه الأطباق الطائرة وغيرها من الأسلحة المتطورة إضافة إلى الإنفاق العسكري الضخم وإذا كانت الصين فضلت عدم المشاركة إلى جانب روسيا وإيران في الصدام مع حلف الناتو وإسرائيل إلا أنها تستعد عسكرياً بشكل قوي وقوي جداً.

وهنا يبقى السؤال: إلى متى تُقدم الصين التنافس الإقتصادي والدبلوماسية عن الحرب العسكرية؟! إلى متى تقبل بالضغوط الأمريكية؟! وهل تتخلى بكين عن أحلامها في سيادة العالم خوفاً من الصدام العسكري مع واشنطن؟! .. يقول خبراء أن أهم شعار رفعه الحزب الصيني الحاكم في كتابه الأبيض عام 2018 كان «الإستثمار في القطب الشمالي».. وهو ما تسعى له أمريكا وبقوة ولن تقبل باقتسام الأمر مع أي دولة، لذا يتوقع مراقبون أن كل خرائط العالم ستتغير من أجل الصراع الأمريكي الصيني علي القطب الشمالي، وهو ما قد ينهي التحفظات الصينية عن الحرب مع أمريكا إلا لو تمت المقايضة الكبرى، تايون والسيادة في شرق آسيا مقابل القطب الشمالي.. هل يفعلها البرجماتيون في البلدين أم ينتصر دعاة النار التي ستحرق الجميع؟!.

كشفت تقرير إعلامية أن ترامب بعد ضحكات طويلة أمام الكاميرات مع أوباما في عزاء الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر طلب من أوباما تجاوز الخلافات والاتصال به تليفونياً من أجل الجلوس في مكان هاديء والتفاهم حول ملف خطير.. ترامب يريد توحيد الرؤية الأمريكية تحت شعار توسيع الجغرافيا الأمريكية واستعمار القطب الشمالي بالضم أي ضم كندا وجرينلاند للولايات المتحدة ومحاولة عزل الصين بالاتفاق مع روسيا.. وهنا يبقى السؤال: هل تثق موسكو في واشنطن لدرجة بيع بكين؟! أم أن كل الأطراف تمارس الخداع الإستراتيجي انتظاراً لفرصة القفذ على الفريسة.

يخطيء من يري أن الصين تستبعد الخيار العسكري، وهناك خبراء في البنتاجون اتهموا الصين باستخدام تكنولوجيا النبضات الكهرومغناطيسية في الإضرار بأمريكا، بل اتهموا بكين باستخدام تكنولوجيا عسكرية غير معروفة، خاصة أن تقارير معلوماتية كشفت أن الصين حققت طفرة هائلة في التطور التكنولوجي العسكري السري، بشكل يسبق كل دول العالم، وهو ما ضاعف مخاوف الناتو، من الصدام في المستقبل مع عدو يجهلون حجم قوته العسكرية الهجومية والدفاعية، بل ذهب البعض إلى أن ما حدث في لوس انجلوس ليس إلا رداً على حرب الفيروسات التي تضرب الصين، والمتهم الأول فيها أمريكا، لذا البعض اتهموا الصين بضرب أمريكا بسلاح سري، تسبب في تلك الحرائق غير المسبوقة.

وكان البيت الأبيض قد كشف أن الولايات المتحدة تتعرض لظواهر مجهولة، وهناك من يرى أن امريكا ضُربت بإستخدام تقنية جديدة للموجات الكهرومغناطيسية غير قابلة للتفسير بنظريات الطقس أو الطب التقليدية، لذا قررت واشنطن انشاء قاعدة طائرات نووية F35 ومركزا راداريا في جزيرة جرينلاند لرصد الهجمات النووية من القطب الشمالي .. جرينلاند التي طالب ترامب بضمها مع كندا للولايات المتحدة ضمن إستراتيجية حرب القطب الشمالي تخضع لسيادة الدنمارك وهو ما يتسبب في صدام بين ترامب والإتحاد الأوروبي وهو ما دفع المستشار الألماني اولاف شولتس للتشاور مع رؤساء حكومات أوروبية إلى التأكيد على إنه: «لا يجوز تغيير الحدود بالقوة..هذا المبدأ قائم وهو أساس نظام السلام لدينا.. وحرمة الحدود تنطبق على جميع الدول».. بوضوح الأمريكي يريد صفقة مع الروس ضد الصين في القطب الشمالي ستتغير فيها كل الخريطة العالمية الجيوسياسية في سايكس بيكو عالمي أمريكي روسي جديد مقابل تنازلات أمريكية للروس في أوكرانيا وشرق أوروبا نحو خرائط عالمية جديدة، وهو ما يضاعف من مخاوف أوربا وبات شعار الجميع «البقاء للأقوى».. وهو ما دفع خبراء للتأكيد أنه لا طوق للنجاة وسط هذا الجحيم العالمي سوي الجيوش الوطنية.. القوة هي الوسيلة الوحيدة للبقاء.

هناك خرائط جديدة تتشكل في العالم خاصة بعد حديث إدارة ترامب عن تعديل الحدود.. فالعصر الأمريكي الجديد يفكر بتغيير خرائط الإستعمار البريطاني ويريد رسم سايكس بيكو جديد للشرق الأوسط والعالم وهنا يبقى السؤال: وفقا لاستراتيجبة إدارة ترامب الجديدة لتعديل الحدود.. هل تنوي إسرائيل الحرب مع مصر لتنفيذ النبوءات التوراتية باحتلال سيناء؟! .. مصر كما ذكرنا سابقاً هددت بـ«حرب يوم القيامة» على إسرائيل في حالة أي تحرك ضدها، وأبلغت الأمم المتحدة والدول الكبرى بتلك الرسالة، الغريب أنه تزامن مع إعلان الكنيسة اليونانية أن يوم القيامة سوف ينطلق من مصر، وفقاً لمفهوم ديني لدى القائمين عليها.. فيما انتقدت وسائل إعلام عبرية بشدة انتشار الجيش المصري في سيناء واعتبرته خرق لاتفاقية كامب ديفيد، بل اعتبرت الاتفاقية غير موجودة الآن، وهو أحد أسباب احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا خلال الحرب على غزة لاستفزاز القاهرة.. تل أبيب تريد احتلال سيناء مجدداً، بينما أكد خبراء أن الحرب القادمة بين مصر وإسرائيل ستكون في الأراضي المحتلة وليس سيناء، وأن التحركات المصرية في سيناء تعني أن القاهرة سوف تنقل الحرب لداخل الكيان، وهو ما تسبب في رعب شديد في الداخل الإسرائيلي، وباتت دوائر صنع القرار أكثر قلقاً خاصة بعدما فشلت الحرب في قطاع غزة ولبنان، وتكبدوا خسائر كبيرة، وتسأل البعض: إذا فشلنا أمام الفصائل الفلسطينية وحزب الله هل نستطيع مواجهة الجيش المصري بقدراته الكبيرة وأسلحته المتطورة وعمقه الاستراتيجي؟!.

عزيزي القارئ.. لا أحد يمكن أن يثق في إسرائيل، وخاصة بعد خرقها لاتفاق الإنسحاب من غزة 2005 وإعادة احتلال محور فيلادلفيا، واتفاق فض الاشتباك مع سوريا 1973 واحتلال نحو 300 كم من الأرض السورية.. ولعل رفض تل أبيب للإجراءات الدفاعية للجيش المصري يؤكد نوايا إسرائيل التوراتية في دخول سيناء .. والغريب أن إدارة ترامب التي وقفت في وجه تغيير الجنس البشري وعمليات التحول الجنسي لا تمانع في تغيير الحدود، بل تتبني إدارة ترامب تغيير وتوسيع الحدود الأمريكية ابتداء من كندا وحتى الوصول لقناة بنما.. كل هذا يكشف أننا أمام أيدولوجيا جديدة للإدارة الأمريكية لا تؤمن بقدسية حدود الدول ولكن تحاول رسم خرائط جديدة للعالم بالتوافق مع روسيا، وهو ما يخدم أطماع إسرائيل التوسعية.. ولو لا خسائر تل أبيب في غزة ولبنان التي فاقت جميع التوقعات سواء بقتل ما لا يقل عن 30 ألف اسرائيلي، وعشرات آلاف من المصابين الكثير منهم سوف يعيشون بعاهة مستديمة، علاوة على خسائر اقتصادية تتجاوز 300 مليار دولار، لو لا كل ذلك وخوفاً من تكبد خسائر أكبر كانت استمرت تل أبيب في خطتها التوسعية، القانون الدولي لم يعد يحمي الحدود، ولكن القوة ما تحمي حدود الدولة أي دولة.. وهنا تبرز أهمية ما قامت به القاهرة منذ 2013 بتحديث وتنويع مصادر تسليح الجيش المصري، وفقاً للمقولة الشهيرة للرئيس: «العفي محدش يقدر ياكل لقمته».. ورغم الخرافات والاطماع الإسرائيلية انتصرت الإرادة المصرية وتم منع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، بل وسوف يتم وقف الحرب في غزة.. دعونا نترقب ونرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى