السفير فوزي العشماوي يكتب : معركة مفاوضات لاتقل صعوبة وخطورة وتعقيدا عن المعركة الحربية

تدير حماس معركة مفاوضات لاتقل صعوبة وخطورة وتعقيدا عن المعركة الحربية التي خاضتها مع فصائل المقاومة الأخري ضد الإحتلال الإسرائيلي، أهداف حماس الأساسية هي :
– تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار والالتزام بمراحله التي يفترض أن تفضي في مرحلته الثانية للانسحاب الكامل وإنهاء الحرب، وفي مرحلته الثالثة اعادة الاعمار
– الإبقاء علي وجودها سواء بصورة او بأخري في إدارة القطاع، والاحتفاظ بقدرتها علي حمل السلاح لمقاومة الاحتلال لحين إستعادة الحقوق
وهي في سييل تحقيق اهدافها تتعامل بمرونة وذكاء في مواجهة الكيان الهائج في واشنطن والعدو الصهيوني وإئتلافه اليميني المتطرف في تل أبيب، بل وبعض العواصم العربية التي تتمني أن تري غزة بدون حماس، ولعل مرونتها في توقيتات وأعداد الأسري الذين تقوم بإطلاق سراحهم نموذجا لهذا الذكاء التكتيكي، يساعدها حقيقة جهود وضغوط الوسيطين المصري والقطري، وإحتفاظها لأطول فترة ممكنة بأهم أوراقها الدفاعية وهي الأسري
من جانبه يهدف نيتنياهو بمساعدة واشنطن لإستعادة الأسري بأي صورة وبأسرع وقت، ثم ينتقل للإجهاز علي المقاومة بإعتبارها الشوكة الأخيرة في جسد الممانعة العربية، وبإعتبار إنجاز هذا الهدف أو علي الأقل الإستمرار في القتل والتدمير هو الضمانة الوحيدة لإستمرار إئتلافه اليميني المتطرف، وبقائه في سدة الحكم، وهروبه ( ولو مؤقتا ) من المساءلة والمحاكمة
في حال الإجهاز علي المقاومة وتصفيتها ستكون المنطقة قد تم تدجينها وإدخالها في بيت الطاعة والتطبيع الإسرائيلي، ولن تكون هناك أي أوراق للضغط الحقيقي علي آسرائيل والولايات المتحدة للقبول بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية وضمان حياة كريمة للفلسطينيين
تصوري أن المقاومة قد راكمت خبرات كبيرة في قتالها الشاق لمدة ١٤ شهرا ضد واحد من أقوي الجيوش وأفضلها تجهيزا وتسليحا، كما أتصور أن قدرتها علي التعبئة والتجنيد لعناصر جديدة لم تتضاءل بل ربما تزداد بسبب وجود ثارات لدي كل مواطن غزاوي فقد أحبائه في المقتلة الكبيرة، وأتصور أيضا أنه لو عاد نيتنياهو للقتال فإن أساليب وتكتيكات المقاومة ستختلف، لتركز علي الكمائن والمفخخات والهجمات المباغتة والانسحاب السريع
لذا فإن بقاء الجيش الاسرائيلي داخل القطاع أو علي تخومه سيجعله عرضة دائمة للإنهاك والهجمات، في حين أن إنسحابه سيسمح بإعادة إحياء المقاومة، ولن تقبل أي دولة ( عربية أو أجنبية ) أن تقوم بدور الشرطي لحماية إسرائيل وتجد نفسها في مواجهة المقاومة
لذا لايري أي عاقل أي حل سوي قناعة المجتمع والنخبة الاسرائيلية بالعيش المشترك كدولة طبيعية مسالمة، والتسليم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سواء في دولة مستقلة متصلة عاصمتها القدس، أو كجزء من دولة مواطنة علمانية ديمقراطية واحدة ذات حقوق متساوية لكل مواطنيها، وأن يري الفلسطينيون ( خاصة في قطاع غزة ) تحسنا في أحوالهم المعيشية وأملا في مستقبل أفضل، فهذا هو السبيل الوحيد لإقناعهم بإلقاء السلاح !