كتاب وشعراء

صداقات لا يرهقها الزمن…ليلى مهيدرة

صداقات لا يرهقها الزمن

كان أول لقاء لي بالأستاذ محمد الغربي عمران بتكريم مشترك أقيم لنا بمدينة قلعة السراغنة المغربية،( الصورة ) ولم أكن قد قرأت له بعد ولا أعرف عنه أي شيء وذاك جهلا مني بقامة أدبية بحجم هذا الكاتب الكبير، لكن ومنذ أول ثانية من لقائنا كان الهاجس الثقافي حاضرا والنقاش حول الوضع الثقافي في الوطن العربي مطروحا حتى قبل أن تنطلق الندوة الرسمية، الأديب العربي الكبير بشخصيته الواثقة وشغفه المعرفي جعل الكاتبة التي كانت تحتفي بمجموعتها القصصية بعد عملين شعريين تقتنص الفرصة لتقرأ عليه خربشاتها، وتستمع لرأيه، لم يكن مجاملا وإنما كان المثقف المهووس بالإبداع الجاد، المناقش والحاضر والمرشد، كنا أنا وهو أول من صعد المنصة غير آبهين بالحضور بالقاعة وإنما غارقين في تصفح مجموعتي القصصية وأنا أستمع لرشده مدركة أنها بداية صداقة ثقافية خالدة، قد مضى على لقائنا حوالي عشر سنوات ورغم بعد المسافة بين المغرب واليمن إلا أن الغربي عمران أول من أرسل إليه عملي الروائي ليطلع عليه، وأنا مدركة أن المبدع لن يخذلني، لا بالتوجيه ولا بالإرشاد، مسافة عشر سنوات من عمر صداقتي بالأديب العربي الكبير محمد الغربي عمران مسافة مليئة بدفء معرفي يعيد لي الثقة، أنا القادمة من وسط محافظ وعاشقة للثقافة بعيدا عن البهرجة التي قد يعتمدها بعض الكتاب، الغربي عمران وأنا أحتفي به في المقهى الثقافي تعمد أن يخفي علي ساعة وصوله رفقة الناقد والأديب البشير زندال والغالية الأديبة الليبية غادة البشتي لسببين هامين أولا حتى لا يكلفني أية مصاريف مادية والسبب الثاني أنه شغوف باكتشاف المناطق التي يسافر لها متأبطا لدفتر صغير وقلم رصاص مستعدا لاقتناص أي اسم أو كلمة أو عنوان لعله يستفيد منه في عملروائي.
الغربي عمران ولد مسافرا مغتربا متنقلا بين السودان والسعودية واليمن، فارس يكره الاستكانة للأماكن، حتى عندما ترغمه الأمكنة يظل مسافرا بفكره وإبداعه. الغربي عمران مسافر عبر الزمان والمكان، حتى في كتاباته ترى التنقل والترحال عبر أزمنة مختلفة، هناك كثر سيكتبون عن *المصحف الأحمر* و*ظلمة يائيل* و*مملكة الجواري* وغيرها من الأعمال الذي تستفز الفكر العربي في ظل التكتلات الظلامية والفكر السطحي لكن أنا أحببت أن أتكلم عن الإنسان، الإنسان الذي يجوب شوارع المدن المغربية ومعه طلبة الدكتوراه اليمنيين يعرفهم بالأمكنة ويدعوهم للعلم الجاد بعيدا البهرجة، الغربي عمران الذي لما سافر ترك لي جيشا مساندا من الشباب اليمنيين يدعمونني في أنشطتي الثقافية بشير زندال، أحمد فراصي/ ماجد القاسم وغيرهم كثير، لا يمكن أن تتكلم عن الأدب في اليمن دون أن تذكر الغربي عمران، وهناك جوانب أخرى تجعلني كمثقفة أفتخر بها كلما ذكر اسمه وإن ربما لا يحب أن يذكرها لكن مَن مِن الكتاب العرب تبرع بالجوائز المادية التي فاز بها لبناء مدارس أو طبع كتب؟
يكفي أن أكرر هنا جملة كان يقولها للطلبة اليمنيين: (لا يهم ماذا ستأكل ولا أين ستبيت المهم أن تستفيد بأكبر قدر من المعلومات التاريخية والثقافية عن البلد الذي تزوره).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى