رؤي ومقالات

يسري فوده يكتب :قولوا لعين الشمس

يبدو أن الناس تهاجر الآن من الجنوب إلى الشمال ويهاجر المناخ معها في الوقت نفسه. يقدّر بعض العلماء أن مناخ الجزائر سيكون قد استقر في فرنسا في غضون عشرين عامًا من الآن.
قبل نهاية شهر يونيو كان 2800 رقمًا قياسيًا لدرجات الحرارة قد تحطم في النصف الشرقي للولايات المتحدة، ولم يختلف الأمر كثيرًا في أوروبا، سوى أن الموجات الحارة تأتي الآن أبكر وتبقى لفترات أطول وتتكرر على نطاق أوسع.
عندما تحرك العالم أخيرًا عام 2015 وصلنا إلى اتفاق باريس الذي لا يعدو الآن كثيرًا كونه حبرًا على ورق. وهكذا لم يأبه أحد لحبيب قلب الفنانة شادية رغم توسلاتها منذ عام 1966: “قولوا لعين الشمس ماتحماشي، لحسن حبيب القلب صابح ماشي”.
في الواقع، كان هناك رجل واحد على الأقل في يده أقوى سلطة في العالم على علم بالمشكلة قبلها بعام. تشير سجلات البيت الأبيض إلى أن الرئيس الأمريكي، راعي البقر من تكساس، ليندُن جونسون، قد تلقى عام 1965 تقريرًا من لجنته العلمية الاستشارية بشأن أساليب مبتكرة للتحكم في درجة حرارة الأرض.
يعرفها العلماء باسم “الهندسة الجغرافية”، لكن هذا مصطلح عريض يشمل ما هو مقبول على نطاق واسع، مثل العناية بالغابات وزرع المزيد من الأشجار، مثلما يشمل تدخلات سافرة من مثل حقن الطبقات الجوية بجزيئات كيماوية معينة تتصدى لمسار أشعة الشمس وتشتتها في الفضاء (انظر الرسم الملحق).
إذا كان لديك بعض المنطق فأنت لست في حاجة إلى أن تكون عالمًا كي تشعر بالقلق من الآثار الجانبية المحتملة لمثل هذا السلوك الإنساني في فطرة الخلق وفي التوازن البيئي للكرة الأرضية وما وراءها.
بقي هذا عقدًا غير مكتوب وإحساسًا مشتركًا بين معظم علماء العالم حتى عام 2009. في ذلك العام قام الروس بتجربة عملية من هذا النوع في الفضاء المفتوح أسفرت عن تقليل درجة الحرارة التي وصلت إلى سطح الأرض.
من المهم الانتباه إلى أن المشرف على تلك التجربة كان يوري إزرائيل، المستشار العلمي للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهو من المشككين في نظرية التغير المناخي رغم كل الأدلة القوية التي قدمها علماء مستقلون، ورغم ما نشهده جميعًا بالعين المجردة.
لكن العالم كله يدفع الثمن باهظًا الآن لأن على رأسه شيخ المشككين، دونالد ترمب، الذي يقولها بكل خيلاء: “drill, baby, drill” (احفر يا بيبي احفر) – في إشارة إلى تكثيف أنشطة التنقيب عن مصادر الطاقة الأحفورية التي ينسب العلماء إليها جانبًا كبيرًا من أسباب المشكلة.
إنه الجشع يا شادية .. إحنا آسفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى