بروفايل

نبذة عن أبو حامد الغزالى: بقلم ميرنا أحمد

تَلقَّى الغَزالِي عِلمَ الفِقْهِ فِي قَريَتِه عَلى يَدِ الإِمامِ ‘‘ أَحمدَ بنِ مُحمَّدٍ الرَّازكانِى ‘‘ ثُمَّ ارتَحلَ إِلى جُرجَان لتَلقِّى العِلم فَأظهَرَ اهتِمَامًا بالفِقْه و بَرَعَ فِيه و أَخَذَ طَرَفًا مِن عِلمِ الكَلَامِ و الجَدَلِ عَلى يَدِ الإِمامِ ‘‘ أَبِى نَصرٍ الإِسمَاعِيلِى ‘‘ و رَجَعَ إِلى مَوطِنِه طوس فرَاجَعَ ما تَلقَّاهُ فى ثَلاثِ سِنِين حتَّى أتْقَنَه …
و مُنذُ بَدَأَ الغَزالِيُّ بالإِبحَارِ فِي عُلومِ الحِكمَةِ و الفَلسَفةِ و الكَلَامِ و الجَدَلِ أَحسَّ برَغبَةٍ فِى تَركِ ضِيقِ عُلومِ الفِقْهِ لِمَواطِنَ عَقلِيةٍ أَرحَب و هُوَ مَا دَعاهُ إِلى الارتِحالِ إِلى نَيسَابُور فَدرَسَ عَلى يَدِ إِمامِ الحَرَمَينِ ‘‘ أَبِى المَعالِى الجُوَينِيِّ ‘‘ إِمامِ الشَّافِعيَّةِ فِى وَقتِه و رَئِيسِ المَدرَسةِ النِّظامِيَّة فتَلقَّى مِنهُ الفِقْهَ و المَنطِقَ و الأُصُول و قَرَأَ الحِكمَةَ و الفَلسَفة و أَصبَحَ يُبارِي أَربَابَ هِذهِ العُلومِ حتَّى بَدَأَ فِى التَّصدِّى لهُم و الرِّدِّ عَلَيهِم و كَتَبَ فِي كُلِّ هَذهِ العُلومِ كُتبًا و أَظهَرَ تَفوُّقًا كَبِيرًا عَلى أَقرَانِه فأَصابَهُ العُجبُ بالنَّفْس ممَّا دَعا مُعلِّمَه إِلى الامتِعاضِ مِن ذَلِك لكِنَّه على الإطلاق لَم يُبعِدْهُ عَن مَجلِسِه …
و لمَّا مَاتَ إِمامُ الحَرَمَينِ عامَ ٤٧٨ﻫ ارتَحَلَ الغَزالِى إِلى مِنطَقةٍ تُسمَّى المُعَسكَر قَريبًا مِن نَيسابُور و كَانَ يُقِيمُ فِيهَا نِظامُ المُلك أَحَدُ أَشهَرِ وُزرَاءِ الدَّولَةِ السَّلجُوقِية فقَرَّبهُ و جَعَله يُلقِى دُروسَه فِى مَجلِسِه فعَظُم شَأنُه و أَعطَاهُ نِظامُ المُلكِ رُتبةَ التَّدرِيسِ فِي مَدرَسةِ بغداد عامَ ٤٨٤ﻫــ …
و كَانَ الْتِحاقُهُ بالمَدرَسةِ النِّظامِيةِ فُرْصةً للاطِّلاعِ عَلى كُتبِ الفَلاسِفةِ الذِينَ تَقدَّمُوه مِثلَ ” الفَارَابِى “و ” ابنِ سِينَا ” فتَعمَّقَ فِيهَا و استَوعَبَها و وَضَعَ عَلى أَثَرِ ذَلِكَ كِتابَهُ الشَّهِيرَ « مَقاصِدُ الفَلاسِفَة » و اشتُهِرَ بحِيادِه أَثنَاءَ تَناوُلِه لمَناهِجِ الفَلاسِفة حتَّى كَانَ كِتابُه التَّالِى « تَهافُتُ الفَلاسِفة » الذِى أَبدَى فِيهِ شُكُوكَه فِى قِيمَةِ الفَلسَفةِ و بَراهِينِها المَنطِقيَّة و يُفسِّر ذَلِكَ كُلَّهُ وُقُوعُ الغَزالِى فِى أَزمَةٍ نَفسِيةٍ كَبِيرةٍ و تَقلُّباتٍ عَظِيمةٍ وصَفَها فِى كِتابِه « المُنقِذُ مِنَ الضَّلال » فتَركَ عَلى أَثَرِ ذَلِكَ التَّدرِيسَ و رَحَلَ عَن بغداد قَاصِدًا الحَجَّ إِلى بَيتِ اللهِ الحَرام و مِنهُ إِلى دمشق، فمَكثَ فِيها فَترَةً قَصِيرَة ثُمَّ ارتَحَلَ إِلى بَيتِ المَقدِسِ قَاصِدًا الاعْتِكاف و عَادَ إِلى دمشق ثَانِيةً فأَقَامَ فِى الشَّامِ حَوالَى عَشْرِ سَنوَات ثُمَّ رَجَعَ إِلى بغداد لكِنَّه اعتَزلَ التَّدرِيس إِلى أَن دَعاهُ الوَزيرُ ” فَخرُ الدِّينِ ” عامَ ٤٩٩ﻫـ للتَّدرِيسِ فِى نِظامِيةِ نَيسابُور فلَمْ يَمكُثْ أَكثَرَ مِن عامٍ ثُمَّ رَحَلَ بَعدَ مَقتَلِ الوَزِيرِ فَخرِ الدِّينِ و الْتزَمَ بَيتَه فِى طوس مُنقطِعًا للعِبادةِ و التَّدرِيس إلى أن تُوفِّى فِى مَسقَطِ رَأسِهِ بِطوس عامَ ٥٠٥ ﻫـ / ١١١١م .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى