نصر القفاص يكتب :حكاية “بوليس الآداب والأموال العامة” 16
هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!!
الواضح أن “مصر تقف على أطراف أصابعها” لأسباب كثيرة, يتناولها الذين يحاولون تفسيرها والذين ينكرونها.. وبينهما فريق يطلق قنابل تخويف مثيرة للرعب!!
يعنينى بالدرجة الأولى “فريق التخويف” وهو يضم “أراجوزات الإعلام” مع “نفايات ساسة” سواء كانوا يشغلون مقاعد المسئولية.. أو آخرين ينتظرون فرصتهم, على طريقة “أغنياء الحرب” كما جسدهم “أسامة أنور عكاشة” فى رائعته “ليالى الحلمية” عبر شخصيتى “بسة والخمس” وقد تمكنا من البقاء طويلا.. إضافة إلى “عيال الإمارات والسعودية” الذين يلعبون – مؤقتا – فى المنطقة الرمادية.. دون داع لذكر “فصيلة البغبغان الاستراتيجى” من “كتائب المحللاتية” الباحثين عن الدولار والدرهم والريال!!
يلعب “فريق التخويف” فى مساحة واحدة.. أسلوبهم ركيك.. منطقهم متهافت.. كلامهم يخرج من أفواههم ميتا.. فهم يكررون تذكيرنا بالدول التى انهارت حولنا.. ويدعون الشعب الذى تحاصره نيران الأزمة الاقتصادية, إلى الاستمتاع بدفء الأمن والاستقرار.. يتجاهلون أن الدستور والقانون فقط هما ضمانة الأمن الحقيقى والاستقرار الدائم.. هؤلاء يتحدثون عن انهيارات تعرضت لها دول بداية من “تونس” وليس انتهاء بما حدث ويحدث فى “سوريا” لأن البقية ستأتى!!
طبيعى أن يركز “أراجوزات الإعلام” على الدول التى انهارت.. لكن غير الطبيعى أن يناقشوا أسباب الانهيار.. ونحن يجب أن نسألهم.. هل الشعوب هى سبب الانهيار.. أم الذين حكموا هذه الدول؟!.. فهم يعلمون أن “الربيع العربى” بدأ من “تونس” التى حكمها مستبد – زين العابدين بن على – لم يفهم شعبه سوى قبل ساعات من سقوطه.. فقال جملته الشهيرة “الآن فهمتكم”!! كما أن “حسنى مبارك” الساخر من غليان شعبه بقولته “خليهم يتسلوا” إضطر خلال ساعاته الأخيرة إلى رجاء الذين انفجروا, أن يمنحوه ستة أشهر لكى يصلح ما أفسده على مدى نحو ثلاثين عاما.. وكذلك “معمر القذافى” الذى حكم أربعين عاما مع أولاده, وقد شاهدناه يعرض الثروة كلها على الذين ثاروا.. فكانت نهايته وضياع ليبيا.. وتكرر المشهد – المأساة – فى “اليمن” و”السودان” التى حكمتها “جماعة الإخوان” لثلاثين عاما.. وصولا إلى “سوريا” وقد حكمها “الأسد” الأب ثم ابنه لأكثر من نصف قرن!!
الغريب أن كل حاكم تشبث بما يملك من فائض قوة مع الاستبداد.. ثم سقط.. وقدم بلاده على طبق من ذهب لكل من “واشنطن والذين معها” مقاتلين دفاعا عن “الكيان الصهيونى” بما يعلنه وأن هدفه السيطرة على المنطقة بأثرها.. وصلنا إلى صورة شديدة الوضوح بعد طوفان الاقصي المستمر.. فقد سقط كل الحكام الذين “خدموا واشنطن والذين معها” باعتبارهم حلفاء استراتيجيين.. والنهاية دائما واحدة.. يسقط الحاكم المتحالف استراتيجيا مع “الغرب وصنيعته إسرائيل” كما سقط الحاكم المتحالف مع “روسيا” و”إيران” لأن جميعهم رفضوا التحالف مع شعوبهم!!
ذهب “توماس فريدمان” الكاتب الأمريكى الأشهر, إلى “الصين” فى زيارة لبضع أيام.. وعاد إلى بلاده ليكتب سلسلة مقالات كلها “ولولة” مع “لطم الخدود” على ما شاهده من تقدم مذهل هناك.. وراح يحذر الذين يحكمون بلاده, ويقودون الغرب إلى الهاوية.. فهو يعلم أن قيمته يستمدها من الحقيقة والقارئ.. يكسب أمواله من فائض معلوماته وثقافته ومصداقيته, عند الرأى العام.. ويعرف أن الذين يصنعون القرار, يجيدون القراءة و”فن الإنصات” لأصوات العقلاء – حتى لو اختلفنا نحن معهم – فهم هناك يمثلون ضمير أمتهم.. كما أنهم أعداء ضمير أمتنا, وهذا توضيح ضرورى.. قبل أن يتهمنى غبى أو جاهل, بإعجاب مرفوض بهذا الكاتب الصهيونى!!
تابعت ما حدث مع رئيس كوريا , الذى حاول العبث بالدستور والقانون.. وما حدث لوزير الدفاع الذى تضامن معه أو ذهب إلى تنفيذ الأوامر باعتباره “عبد المأمور” وانتهى الأمر إلى عزلهما وإحالتهما للمحاكمة.. وطبعا هذه صورة طمسها “أراجوزات الإعلام” عندنا, وتجاهلتها “فصيلة البغبغان الاتسراتيجى” مع “كتائب المحللاتية” لخطورتها على العقل المصرى.. فالخوف كل الخوف من “الوعى” الذى يرونه مرادفا لفنون “النفاق” وخدمة “البيوت الحاكمة” سواء كانت ملكية أو جمهورية.. ربما لأن خدمة هذه البيوت تحقق عائدا مذهلا, لا يفوقه غير العائد الذى يحصل عليه الخارجين عن القانون حين يصبحون شركاء فى الحكم!!
نعود إلى السؤال.. هل الشعوب المنكوبة بحكامها هى التى تهدم أوطانها؟!
لماذا نطلب من شعوبنا العربية أن تستجير من الرمضاء بالنار؟!
المعادلة المفروضة على بلادنا, أصبحت أن نقبل الفساد والاستبداد.. أو الذهاب إلى تدمير الوطن.. مع أن بينهما مساحة تضمن للحاكم البقاء, وتحقق الأمن والاستقرار دون حاجة لأجهزة أمنية تخسر رصيدها من الاحترام والتقدير عن الشعوب!! وهنا تصبح الأسئلة البسيطة شديدة الأهمية.. إذا كانت هناك فائدة أو قيمة لأولئك من “نفايات الساسة” التى نتقدم – فقط – فى إعادة تدويرها.. فلماذا لا تحدثونا عن هذه القيمة؟! وإذا كانت هناك أهمية للذين يتصدرون المشهد من “أراجوزات الإعلام” فليس عيبا ولا حراما أن يتم ذكر دورهم, وأهميته لمصلحة شعب يرفضهم.. يسخر منهم.. يسبهم ويلعنهم.. لا يكف عن أن يبصق على صورهم, باعتبارها المتاحة.. ثم نصل إلى ما تسبب فى الغضب.. وتطور إلى توتر.. ثم بلغ حالة الغليان.. فنحن فى مصر لدينا برلمان – نواب وشيوخ – يدافع عن حكومة “عيلة مدبولى افندى” التى حصلت على “إمتياز” فى الفشل طوال الوقت.. ولدينا حكومة حاكمها علانية “رجال المال” وأبرزهم كانوا مطلوبين جنائيا!!
معلوم بالضرورة أن “مصر” تعيش فى قلب نار تحيطها من كل الاتجاهات.
معلوم بالضرورة أن “الشعب المصرى الشقيق” تحمل ما يعجز شعب آخر عن تحمله.. إعتصم بصبر ينافس “صبر أيوب” حرصا على الوطن وتاريخه وأملا فى مستقبل يستحقه!!
هنا يمكننى القول أن شعبا حريص على بلاده كما شعبنا.. لا يستحق تجويد تجاهله.. لا يستحق استفزازه بالليل والنهار.. لا يجب استنطاق غضبه!! فهذا شعب يعرف ويفهم أن تصعيد تخويفه من “ذكرى 25 يناير” وهى ثورة تم إجهاضها.. هدفه إعداد لأفراح فاسدة, بأن الشعب لم يستجب لأولئك الذين يشار إليهم بأنهم “أهل الشر” وكانت تقودهم “تركيا” و”قطر”.. وكليهما أصبحتا بين ليلة وضحاها أصدقاء!! وأن الشعب واع لمؤامرات “واشنطن” التى هى حليفنا الاستراتيجى رسميا.. وأنه شعب “يكره إسرائيل” التى تربطنا بها “معاهدة سلام” داستها بالأقدام.. وجلس “نتنياهو” فى محور “صلاح الدين” ووضع ساقا فوق ساق فى وجه قواتنا على الجانب الآخر, بعد رفع علم كيانه احتفالا باحتقار المعاهدة.. ثم تقولون فى الوقت نفسه أن “الشعب لا يحب عمرو موسى” وهى حقيقة, عكس ما أراد “شعبان عبد الرحيم” بسذاجته!!
بدأنا مشوار ما بعد “ثورة 25 يناير” بحكاية “فى حب مصر” وكانت “طبخة” غير مقبولة.. ثم انتقلنا إلى “طبخة” تأكد أن رائحتها “كريهة”.. ثم جعلنا اسمها “دعم مصر” تناولناها على مائدة “مستقبل وطن” الذى أطلق عليه الشعب “مستنقع وطن” فإذا بالحل العبقرى يتمثل فى “إتحاد القبائل العربية” الذى احترق على نار الغضب.. فإذا بنا نشهد تقديم “طبخة” أطلقوا عليها “إتحاد مصر الوطنى” ليسد الشعب أنفه تجنبا للعفن.. ليتم استبدالها على عجل “بطبخة” مسمومة قالوا أنها تنافس “شربة داوود” فى علاج كافة الأمراض, ومنحوها اسم “الجبهة الديمقراطية” ليصرخ الناس يستنجدون بمباحث الأموال العامة أو بوليس الآداب!!