رؤي ومقالات

نصر القفاص يكتب :حكاية “القطط السمان.. وجمال حمدان” 19

هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!!

تابعت أحد “القطط السمان” عبر واحدة من القنوات “العبرية” الناطقة باللغة العربية.. كان يقدم ما يزعم أنه تحليل لمعارك “طوفان الأقصى” فى ساعاتها الأخيرة.. فإذا به يقول بصريح العبارة أن “المقاومة إنهزمت فى غزة” وأضاف بفرط ذكاء: “علينا أن ننتظر من قادتها إعلانهم أنهم انتصروا للتغطية على جريمتهم”!!
يرى “القط السمين” القاطن فى “دبى” هربا من ملاحقته لفساده فى مصر, أن مقاومة الاحتلال جريمة.. وهذا ليس غريبا عليه.. فقد بدأ حياته كصحفى بالرهان على المال السعودى.. نجحت رهاناته فوصل إلى “درجة مليونير” عبر التجارة بالإعلام.. أخذه طموحه إلى الترقى فى دنيا المال, ليحصل على “درجة الملياردير” من بوابة السينما.. واختار أن يرتاح بأن يمتهن وظيفة “بغبغان استراتيجى” أو خابور استراتيجى”.. وهى وظائف تنافس محترفى كرة القدم ونجوم الفن, فى كل من السعودية والإمارات فى إطار صراعهما على زعامة العالم العربى فى حالة الفوز بشهادة صهيونية من إسرائيل!!
أذهلنى أحد “جامعى أعقاب السجائر” على شاشة “عبرية” أخرى ناطقة بالعربية.. قدموه على أنه أحد قيادات حركة “فتح” فى “الضفة الغربية”.. وراح يمزق المقاومة وشهداءها العظام فى “غزة” و”لبنان” بأنياب تنافس “أنياب دراكولا” على طريقة “خائن” آخر يفاخر بأنه خلع عباءة وطنه – لبنان – وارتدى “عباءة سعودية” لينفث سمومه من “دبى” مؤكدا على أن مقاومة الصهيونية, لا تتجاوز كونها ذهاب إلى مجهول لحساب “إيران” الشيعية.. والمثير للقرف ادعاؤه بأنه “عالم شيعى” ويؤكد ذلك بما يرتديه.. متجاهلا الحكم الذى صدر ضده بالحبس فى قضية تجسس لصالح إسرائيل!!
بحثا عن هدوء نفسى, وضبطا لأعصابى.. شاركت أهل غزة أفراحهم بإعلان وقف إطلاق النار, فى يوم ميلاد “عبد الناصر” الذى لا يغيب عن الذاكرة.. حتى وإن كان قد غاب منذ أكثر من نصف قرن.. قضيت وقتا فى إعادة قراءة كتاب “6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية” لأهم علماء مصر والعرب.. الدكتور “جمال حمدان” صاحب “شخصية مصر” القائل أن “الناصرية هى الوطنية المصرية” بدلائل وبراهين علمية.. وجدته يؤكد على أن: “الأحداث الكبرى تتطلب فكرا كبيرا وحسا تاريخيا ملهما.. بمثل ما إن التحديات الكبيرة تصنع الأمم الكبيرة”.. ويضيف أن: “الحرب هى أعظم محدد للتاريخ.. ولا يصدق هذا على صراع فى التاريخ مثلما يصدق على الصراع العربى – الإسرائيلى”!!
أخذنى “جمال حمدان” إلى نهر العلم والمعرفة الصافى.. إنتشلنى من “الذباب التليفزيونى” وأبعدنى عن “الذباب الإلكترونى”, وكليهما تعتمد عليه أنظمة سياسية تمارس “النصب” باسم “الديمقراطية” وأحيانا باسم “الدين” البرئ منهم!! تخيلت لو أن منطق هؤلاء كان قائما قبل نحو قرن من الزمان.. كنا سنضع “مصطفى كامل” و”محمد فريد” و”سعد زغلول” فى خانة المغامرين.. وهكذا كان يصفهم الاستعمار الانجليزى الذى جعل “أحمد عرابى” قائدا للعصاة.. وحارب “جمال عبد الناصر” بتهمة أنه “ديكتاتور” لمجرد أنه انتزع استقلال مصر مع رفاقه.. وقام بتأميم قناة السويس, من أجل بناء السد العالى.. كما ذهب إلى بناء قلاع صناعية, تم تفكيكها وبيعها فى غفلة من الشعب المصرى وغفوة من الزمن.. وكانت “قطط الاستعمار السمان” هى سبيلهم ووسيلتهم.. جعلوهم وجهاء المجتمعات العربية.. أغرقوهم فى الثروة والفساد.. أطلقوهم على الشعوب العربية بدعوى أنهم يمثلون “النخبة” التى تردع مجتمعات أرادوها “فئران” خائفة.. مذعورة!!.. لذلك يتم تغييب “جمال حمدان” وعلمه وفكره.. ربما لأنه القائل: “إسرائيل لم تقم.. ولم تستمر.. ولن تبقى إلا على أساس واحد ووحيد.. منه استمدت وجودها, وبغيره تفقده.. هذا الأساس هو القوة المسلحة.. القوة العسكرية.. وفيما عدا القهر العسكرى.. فإن إسرائيل مجرد حزمة مفككة واهية, وملفقة من الأكاذيب الدينية المتهافتة والأوهام العنصرية.. مع الانحرافات التاريخية المريضة.. لأن القوة بالنسبة للوجود الإسرائيلى هى شرط البقاء.. بل هى البقاء ذاته.. وبغير القوة تفقد مبرر وجودها وصميم وجودها نفسه”!!
كانت فرنسا تملك القوة, وفرضت استعمارا استيطانيا على الجزائر لنحو 130 عاما.. قاومها شعب ينحنى أمامه التاريخ احتراما.. نفاخر ونفخر به كعرب.. وفرض عليها أن ترحل منكسرة وكسيرة.. وكان الثمن ملايين من الشهداء.. ليس مليونا فقط كما هو رائج, لتصغير حجم جرائم الاستعمار الفرنسى.. ويكفى ذكر أن فرنسا قتلت يوم 8 مايو 1945 أكثر من 45 ألف إنسان جزائرى.. أؤكد الرقم 45 ألف شهيد خلال ساعات.. وهو تاريخ يحفظه الطفل بمجرد أن يصبح واعيا وإلى الآن.. وذلك يفسر موقف كل جزائرى تجاه إسرائيل.. والأمر نفسه يفسره موقف “جنوب إفريقيا” التى رفعت رايات الدفاع عن الشعب الفلسطينى, من اللحظة الأولى بذهابها إلى “محكمة العدل الدولية” لتقاتل كما كان يجب أن يقاتل العرب دفاعا عن أشقائهم.. ويفسر موقف “أيرلندا” التى قطعت العلاقات مع إسرائيل وترفع أعلام فلسطين فى ميادينها وشوارعها.. أضف إلى ذلك قائمة طويلة من دول أمريكا اللاتينية بينها “كوبا” و”فنزويلا” و”كولومبيا” و”البرازيل” وغيرهم.. بل أن عددا من دول أوروبا إنحازت للحق الفلسطينى بقوة وفعل تجاوز ما فعله العرب!!
تتقافز “قطط الصهيونية السمان” وكلهم من “عيال أمريكا” على الشاشات كالقردة, أملا فى تشويه الذاكرة العربية.. وسعيا إلى تدميرها بزرع اليأس وتصنيع الإحباط.. لأن ما حدث على أرض “غزة” و”لبنان” و”اليمن” يجسد ما ذكره “جمال حمدان” فى كتابه على لسان “موشى ديان”, عندما وقف فى “الكنيست” ليقول لمعارضى وقف إطلاق النار وقت حرب أكتوبر 1973 بوضوح: “لقد فرضت علينا واشنطن وقف إطلاق النار.. كيف يمكننا معارضة دولة ترسل لكم الذخيرة فى الصباح لإطلاقها بعد الظهر.. عليكم أن تعرفوا أن إسرائيل لا تستطيع أن تحارب ما لم تستند إلى تأييد أمريكا السياسى والمادى”.. والذين يقرأون يعيشون الشقاء والألم بما يعرفون.. بينما “خدم الملكية والاستعمار” فى النعيم يرفلون!! لذلك ستجدهم يلعنون المقاومة, ويطالبون شعوبنا بقبول الانكسار باعتباره تعقل.. حكمة.. واقعية.. توفر لنا ما يزعمون أنه السلام, الذى يفرز “نخنوخ” و”العرجانى” و”الصافى” وحتى وزراء بلا شهادة.. وهؤلاء يمثلون الجيل الثالث ممن تم إخراجهم خلال وجودنا فى “مراحيض” سلامهم.. فقد سبق أن انطلقت قوافل “رجال المال” بقيادة “عثمان أحمد عثمان” وأخرجت “رشاد عثمان” و”توفيق عبد الحى” و”هدى عبد المنعم”.. ثم كان “الجيل الثانى” فى طليعته “أحمد عز” و”هشام طلعت مصطفى” و”ممدوح اسماعيل” صاحب عبارة الموت فى البحر الأحمر.. حتى وصلنا إلى “الجيل الثالث” الذى يضم متهما بتجارة الآثار.. ومتهما بالتجسس لصالح إسرائيل فى قضية “العوجة”.. ومتهما بتجارة “الهيروين” يتصدر المشهد السياسى.. ووصل الأمر إلى محاكمة الذى ينادونه تفخيما بصفة “دولة الرئيس” وأسميه “كبير عيلة مدبولى افندى” على الهواء أمام عدد من “رجال المال”.. و”دولة الرئيس” هو حامل الراية التى بدأت من “عيلة عبيد افندى” وصولاً الي”نظيف افندى” حتي آخر قائمة العائلات الوزارية!!
ترك لنا “جمال حمدان” و”عبد الوهاب المسيرى” و”جلال أمين” وغيرهم ودائعهم من العلم والمعرفة, لكننا انصرفنا إلى ما يملكه “قطط الصهيونية السمان” من كلام مكانه “المراحيض”!!
سمعنا.. ورأينا.. الرئيس الأمريكى “ترامب” يفرض إيقاف حرب “غزة” خلال ساعات!!
تابعنا.. وشاهدنا.. “أسد إسرائيل الهصور” – نتنياهو – يتحول إلى قط مذعور ويقبل ما قررته واشنطن!!
تلك هى الحقيقة التى قالها “موشى ديان” قبل أكثر من نصف قرن, ورصدها “جمال حمدان” فى دراسته العلمية الصادرة بين دفتى كتاب صدر عن “دار الهلال” حول “6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية”.. وعندما يظهر عالم جديد’ سيعلمنا ما حدث ويحدث حول “7 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية” وسنتخلص من رائحة كلام “القطط السمان” الكريهة!!
صحيح أن هذه الجولة من جولات الصراع العربى – الإسرائيلى كانت الأصعب.. الأخطر.. الأكثر فداحة فى خسائرها.. وصحيح – أيضا – أنها كانت جولة “كارثية” على “إسرائيل” عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.. وهذا ما تحاول “قطط الصهيونية السمان” طمسه من أمام أعيننا بسرعة, خشية تبعاته داخل عالمنا العربى.. فقط كان “الطوفان” مذهلا واستمر لنحو 15 شهرا.. كما كانت حرائق “لوس انجلوس” مذهلة خلال أيام قليلة, لدرجة أن “ترامب” اعتبر أنها لا تقل فداحة عن قصفها بقنبلة نووية.. وشغلنا عنها مطعم “نخنوخ” ومصانع “إبن العرجانى”, مع الحزب الذى لا يحكم ولا يعارض.. وفى الخلفية “شوال الرز” يشاغلنا بأن “محمد صلاح” سيلعب لفريق سعودى, إضافة إلى قائمة اعتقالات مثيرة وحفلات زواج وطلاق مشبوهة!!
يبقى أن عقلاء هذه الأمة, لم يسقط من ذاكرتهم زعيم قال عنه “الخال عبد الرحمن الأبنودى” أنه: “لا كان حرامى ولا كداب.. ولا نهبها مع اللى معاه”.. وهتف من أعماقه “يعيش جمال حتى فى موته”.. وهذا هو “الشبح” الذى يخيف “القطط السمان” والراية التى لا تسقط بالتقادم”!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى