رؤي ومقالات

وحيد عيادة . يكتب : نظرية المؤامرة

في بيئة العمل، حيث تتداخل المسؤوليات وتتشابك المصالح، تنشأ أحيانًا مشاعر الشك والريبة بين الأفراد في مختلف المستويات الإدارية. قد يظن رئيس مجلس الإدارة أن المدير العام ورؤساء الأقسام يتآمرون ضده، بينما يعتقد المدير العام أن موظفيه يخططون للإطاحة به. وفي الوقت نفسه، يرى رؤساء الأقسام أن الموظفين يسعون للإيقاع بهم، أما الموظفون أنفسهم، فيظن كل منهم أن زميله ينسج ضده مؤامرة.

هذا الخوف من المؤامرات الوهمية يمكن أن يتسلل إلى عقول الأفراد في أي منظمة، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وتعطيل مسار العمل. نتيجة لذلك، تنشغل العقول في محاربة أعداء غير موجودين، ويبدأ الانهيار في التسلل إلى الهيكل التنظيمي. بينما الواقع، إذا تم النظر إليه بعين العقل، يكشف أن هذه “المؤامرات” ليست سوى أوهام غير مبررة.

من الأدب العالمي، نجد العديد من الأمثلة على تأثير الشكوك والتآمر في تدمير الأفراد والمجتمعات. في رواية “الشياطين” لدوستويفسكي، يعكس الكاتب كيف يمكن للافتراضات المغلوطة عن نوايا الآخرين أن تؤدي إلى تدمير حياة الأشخاص والأفكار التي يحملونها. وتظهر هذه الديناميكية بشكل مشابه في العديد من القصص الأدبية التي تعكس الحروب النفسية والتوترات غير المبررة بين الأفراد. ففي “ماكبث” لشكسبير، نجد كيف يمكن للشكوك والطموحات الزائفة أن تؤدي إلى الفشل الذريع على مستوى الشخص والعائلة.

المنظومات الناجحة تبنى على أسس من الثقة والتعاون، وليس على الشكوك. حينما يتوقف الأفراد عن تركيز جهودهم على العمل الجماعي والتطوير المهني، ويبدأون في محاربة عدو غير موجود، فإن النتيجة الحتمية ستكون تدمير العمل والإنجازات.

خاتمة

كما يقول المثل الشعبي المصري: “اللي يعاير الناس بيعيب نفسه”، أي أن الشخص الذي يتهم الآخرين بالمؤامرات غالبًا ما يكشف عن ضعف في نفسه. لذا، بدلًا من إضاعة الوقت في محاربة أوهام غير موجودة، يجب أن نركز على العمل المشترك والنهوض بالمنظومة. فالنجاح يعتمد على التعاون والوضوح، لا على الظنون التي لا أساس لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى