محمود جودت محمود قبها يكتب :يومًا ما.. ستُغادر منصبك

يوما ما سوف نستقيل من منصبك أو ينقلوك أو تتقاعد ..تلك هي سنة الله تلك الدنيا لا تدوم فهي مختاره مباشرة ..حيث بدأت ثمار ما زرعته وغرسته في علاقاتك مع الناس ..فعاملوا الناس بالحب والتواضع لأن الدنيا تزول ولا تبقى على حال أحد الضيوف كان فهكذا هي الحياة ولتسألوا من سبقنا سيقولون لكم ما قاله الله : “وتلك الأيام نداولها بين الناس .
يومًا ما سيحين وقتهالن تفكر في مبادرة جديدة لتمنح فرصة للتأجيل قد يكون استغناءً أو نقلاً أو تقاعداً يطرق بابك بهدوءهكذا هي سنة الحياة ونحن الدنيا: لا تدوم على حال ولا تُبقي أحد سلطاناً أو مكانةفي لحظةٍ ما ستنظر إلى أهمها لا تعد تنفيذاتك بل لتتلمّس وتشاركك في قلوب الناسلن تضاء لفترة طويلة عدد الاجتماعات التي أدرتها ولا الملفات التي وقّعتها بل ستتذكر وجوهاً ابتسامات الكلمات طيبّبة وأياد أمسكت بك يومالت عليك الدنيا .
ولم يأت سوى ثمار ما زرعته : هل زرعت محبة؟هل غرست التواضع في بعضك؟هل كنت معيناً لا تتكبرّراً؟تلك هي الأسئلة التي ستبقى تتردد في وجدانك بعد أن تضع كرسيّك خلفك وتمضيعاملوا الناس بحبّببساطةبصدق لا تنتظر أي تصرفات لا تتبدل لتبدّل المناصبفالدنيا لا تُعطي وعداً بالبقاء بل كل ما فيها مؤقتاًالمناصب الألقاب الشهرة المجد ..كله سراب إن لم يُقرن بأثر طيب في القلوبولكم فيمن سبقكم عبرة اسألوهم سيقولون ما قاله الله عز وجل :”وتلك الأيام نداولها بين الناس “فمن ملك اليوم قد يصبح غداً من المؤتمر .
ازرعوا ما تحبّون أن تجدوه يوم تتركون كل شيء خلفكم …وفي النهاية “الأثر” هو الباقي
يوما ما.. ستُغادر منصبك ….يوماً ما تطوعاً أو كرهاً ستُغادر منصبك .
يمكن أن يكون ذلك جاهزًا إداريًا أو تقاعدًا أو تقاعدًا يقره الزمن دون وقت لاحق ومن المحتمل أن يكون ذلك ممكنًا جدًا لعدم إتاحة الفرصة للتبرير أو الرفضوعندما تُغلق خلفك باب مكتبك الأخير ستدرك أن منصبًا لم يكن يومًا ملكًا لك بل أمانة أُودِعت بين يديك فما أن تكون قد أديتها بحقّ أو فرّطت فيها الكائنات من الغفلة والغرورإن سُنَّة الله في خلقه أن “لا شيء يدوم” ” ولا يبقى الوضع ولا سلطة تستمر ولا مجد يتجذّر إلا ما كان لله وفي سبيل الناسالدنيا دُول والأيام تتقلّب والمناصب .
ففي يومٍ ما ستكون حاضراً في ولا تسمع أخبار مؤسستك السابقة من النظر عن بعد من يخلفك يتبوأ الكرسي الأربعيني لك تسعة أيام ربما بقرارات تُعجبك وربما لا لكنك تملك التدخّل لأن الدور لم يعد دورك والساحة لم تعدفماذا سيبقى بعدك؟ لن تستمر التواقيع التي صلاحيتها ولا يمكن تشغيلها إلا أن تُذكر الألقاب التي تحتويها إلا عرضًا في أرشيفٍ يُطوى بمرور الزمن .
لكن سيبقى شيء واحد :مساهمتك في قلوب الناس .
هل كنت عادلاً في تحقيقك؟
هل كنت متواضعًا في علاقتك بمرؤوسك؟
هل قابلت الخطأ بالُصح لا بالتوبيخ واستقبلت النجاح بتشجيع لا بتقليل؟
هل استئنافك لمن صدرت بك اللجوء المثالي هو العيش أو مساندة؟
هل تركت خلفك سيرة طيبة يردها الناس غيبًا ومجاملة؟
إن الكرسي لا يستخدم الهيبة بل الأخلاق .
والسلطة لاعقلاني المجد بل حسن التدبير وصدق النيّة وطهارّة اليد .
وقد قلت اذا اخترت أن تعرف قيمة المسؤولين ما فانظر كيف يتركونه الناس بعد رحيله لا كيف صفقوا له عند قدومهعاملوا الناس بالبالُغراد فالعلاقات الإنسانية أبقى من الصلاحيات الوظيفيةتواضعوا فإن الكبرياء وهمٌ زائل وعلوّ منصب لا يعلو على جوهر النفس .
اغرسوا الخير فإن للاستسلام معوهل هناك زرع أعظم من الدعاء الصادق الذي خدمتموهم بضمير؟ وفي لحظة الصمت بعد الرحيل ستسمع صوت ضميرك بوضوح فإن كان نقيا ستعملا مطمئنا فذاك هو النجاح الحقوإن كان مُثقلًا بالندم فما أغنى عنك منصبه عندمافهي لا تريد أن تعلم وتعطي وتخفض ولا تبقى فيها إلا وجه الله الصالح
فكن ممن يزرعون الطيب ليرثوا السلام عندما ينتهي المشوار .
في السحب
تذكّر فترة لا يدوم لكن التأثير يدوموالقوة إلى زوال لكن الكلمة الطيبة لا تموتفاختر لنفسه ما يحب أن يُقال عنك بعد غيابك واعمل اليوم كما لو أنك راحل غدًا .