د. إلهام الدسوقي تكتب: الجاهل أستاذ!!
وانا صغيرة وكعادتي كنت اذهب للمدرسة قبل أن يفتح الباب وانتظر كثيرا لأني أحب المدرسة واعشق اللعب قبل طابور الصباح وكان فكري منصب على لعبة اسمها الأولى وهي رسمة على االارض ننطها برجل واحدة ومن ينجزها صح نسقف له. علشان كدا كل يوم كنا نزود مربعات ننطها ونصعب اللعبة علشان محدش يكسب بسهولة ونشوف مين فينا الامهر وكنت أنا اسرع البنات وكل يوم اخد الجائزة تسقيفة كبيرة حتى اصبحت محترفة ولا أحد يسبقني ابدا.
حتى جاء يوم ممطر ظهرت فيه صديقتنا العمياء كما نطلق عليها، لأن نظرها ضعيف جدا، وقالت: لعبوني معاكم. وضحكنا كلنا وقررنا نقنعها بعدم المحاولة مرة ثانية فزودنا عدد المربعات وعقدناها شمال ويمين وصعبنا اللعبة وقلنا: محدش هيعرف يخلصها وصحبتنا هتجرب للمرة الأولى والاخيرة، لكن كانت المفاجأة أنها أنهت اللعبة في ثوان بسيطة جعلتنا كلنا في حالة استغراب، كيف حدث هذا الموضوع ونحن منذ شهور نتدرب عليها ولا نستطيع إكمالها، واظن لو خبر صعوبة اللعبة وصل لصديقتنا العمياء قبل أن تبدأ لكانت فشلت أن تكملها نهائيا.
نفس الموقف عاصرته مع أحد طلابي والذي كان ضعيف جدا في الكتابة بالإنجليزية وعادة لا يهتم بالدراسة ويكرهها وعندما بدء دراسة العلوم بالإنجليزية حدثني أنه أول مرة يسمع عنها. ورغم صعوبتها قلت له: هي اسهل حاجة ممكن تدرسها واقتنع بالكلام لدرجة أنه حصل على أعلى الدرجات دون عناء. وهنا تنجلى حقيقة مهمة وهي قوة الجهل بالشئ في إنجازه.
فإذا كنت تجهل السباحة ولا تخاف الغرق فسوف تحاول بكل جهد أن تعوم وممكن أن تجد نفسك تسبح بلا تعليم. وأن كنت لا تعلم صعوبة أحد المسائل الرياضية مسبقا فسوف تبذل جهدك وتحلها في وقت قياسي وأن رأيت طفل يواجه الكلب للمرة الأولى فلن ترى الخوف في عينيه كما يفعل الكبار.
الخوف من التجربة يزرع بداخلك حاجز يمنعك من الوصول، والخوف يؤدي لتفاعلات في المخ تمنع الإنسان من التفكير الجيد والاجتهاد والأخذ بالأسباب ويصل الأمر لنكران النجاح على أساس أنه لن يتم مسبقا.
الدخول في مجالات جديدة واشغال أو وظائف جديدة مبني على هذه النظرية فلو تحدثت عنها كثيرا وأخذت الآراء والتي تعتمد على وجهات نظر شخصية فسوف تتشتت ويصير الأمر صعب ومرعب بالنسبة لك، أما إذا لم تعط الأمر الكثير من التفكير وقررت البدأ والاجتهاد فسيكون عملك الأفضل في كثير من الحالات.
تأثير الجهل بالشئ ممكن أن يكون عكسي في اوقات كثيرة ويجب أن نستغل هذا الاستنتاج ونعمل من خلاله.
لا تخاف من أي تجربة جديدة ولا تتحدث كثيرا من غير مغامرة، ولا تمشي بمثل جدتك القديم, امشي سنة ولا تعدي قناة، الذي كانت نتيجته تفضيل الطرق التقليدية والطويلة للوصول للهدف والغاء حس المغامرة والذي في كثير من الأحيان يكون هو الطريق الصحيح للوصول السريع. وبالنسبة لمثل جدتي انا شخصيا هقلبه واقوله، عدي قناة ولا تمشي سنة، ولو وقعت في المياة بلبط وعوم .