رؤي ومقالات

طه خليفه يكتب :قطر ومصر .. محاولة للفهم

** أن تدفع قطر المال لـ إسرائيل عبر طرف ثالث أمريكي، وتطلب منها تحجيم دور مصر في الوساطة بينها وبين حماس، وكذلك تشويه القاهرة ..
فهذا لا يمكن أن يحدث أبداً ..
وهذا مستبعد تماماً..
** أنا اجتهد لفهم اتجاه الريح في السياسة القطرية الجديدة بعد المصالحة مع الرباعي العربي: السعودية، الإمارات، البحرين، مصر.
** ضع البحرين جانباً، فهى تابع للسعودية، وهذا مفهوم، ويمكن قبوله باعتبار أن السعودية خط دفاع أساسي عنها، كما أنها مصدر الدعم الرئيسي للنظام الملكي الذي يحكم شعباً الكتلة الضخمة فيه من الطائفة الشيعية الكريمة..
** وإيران في لحظة يمكن أن تتدخل، إذا أرادت، وتُحدث تغييرات في البحرين..
** لهذا أنشأت السعودية جسراً فوق الخليج العربي للوصول إلى البحرين خلال وقت قصير جداً، وقواتها عسكرت في المنامة وقت الربيع العربي عندما انتفض الشيعة.
** هل لاحظتم ابتسامة ولي عهد البحرين وترامب يقول له إن لديكم 700 مليار دولار احتياطي نقدي، وهذا كثير عليكم..
التفسير أن هناك تسليم بحريني لكل من السعودية وأمريكا مقابل الحماية من إيران، وضد أي قلاقل داخلية يقوم بها البحرينيون الشيعة.
**رغم المصالحة، لكن ليس هناك دفء وود حقيقي وطبيعي في العلاقات القطرية الإماراتية حتى الآن..
التنافس سيظل قائماً، ولن ينتهي..
والإمارات لن تكون في وارد القبول التام بقطر وسياساتها وطموحها وتحولها إلى رقم صعب خليجياً وعربياً ودولياً..
وقطر لن تأمن للإمارات، لكنها لا تسعى للتأزيم معها، فهى تريد أن يكون هذا الجوار آمن لها، ولو نسبياً.
** قطر تريد علاقات خاصة مع السعودية في الخليج كله، وأظن أنها لن تسعى مجدداً لمناطحتها، بل ستجتهد أكثر لتعميق وتعزيز العلاقات معها..
** فترة الحصار أضرت قطر كثيراً، والسعودية هى المنفذ البري الوحيد لقطر على العالم، والمنفذ البحري معقد وطويل، والمجال الجوي معقد أيضاً والتفافي، وخلال الحصار كانت طرق وصول الغذاء لقطر من تركيا طويلة وتأخذ وقتاً.
** قطر بات لديها يقين أن السعودية هى الأخ الأكبر بالفعل في منطقة الخليج، وأنه يجب العمل على ترضيتها، وكسب ودها، وهذا لايعني ألا تُوثق علاقاتها مع أشقائها الخليجيين الآخرين.
** وطالما العلاقات مع السعودية وثيقة وآمنة، فالباقي سهل، ويمكن التغلب على أي أزمة طارئة مع أي بلد مجاور لها، أو قريب منها.. فالسعودية هى رئة قطر، ولا يمكن الاستغناء عن هذه الرئة، أو مقايضتها، ولو بالأتراك أنفسهم.
** نصل إلى مصر ..
قطر كما توصلت إلى قناعة بضرورة عدم إغضاب السعودية بأي شكل وتحت أي ظرف، فإن نفس القناعة ترسخت لديها تجاه مصر بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم فيها.
** وجود قطر بجانب السعودية ومصر يمنحها قوة سياسية ودبلوماسية ومعنوية هائلة.
** لهذا كانت قطر سعيدة بالتنسيق مع مصر في موضوع الوساطة بين حماس وإسرائيل، فهذا يعطيها ثقلاً ومكانة كانت تريدها منذ سنوات، وهى تتباهى بأنها شريك للقاهرة في الملف الأول والأهم عندها، وهو الملف الفلسطيني..
** من كان يتصور أن البلد المحدود سكاناً ومساحة والبعيد عن فلسطين سيكون شريكاً فاعلاً لمصر الدولة الكبرى ذات الحضور التاريخي والتضحيات الهائلة لأجل فلسطين ..
** هذا إنجاز سياسي ضخم لقطر، ولهذا لا يمكن أن تفقده، أو تضحي به، أو تتواطؤ مع أحد ضد مصر، خاصة إسرائيل التي لا صديق أو حليف لها، والتي قد تبيع حتى أمريكا إذا كان ذلك في مصلحتها..
** ويصعب أن تلعب قطر في الملف الفلسطيني من وراء مصر.. ودبلوماسيتها أذكى من أن تمنح الفرصة للإمارات للتدخل في علاقاتها المتنامية مع القاهرة ..
** والإمارات تراقب بدقة تطور العلاقات المصرية القطرية، ربما تجد ثغرة تستطيع من خلالها التدخل لإفساد أو توتير العلاقات مجدداً ..
** مصر سوق منفتح وكبير وهائل لأي استثمار عربي، والإمارات تتغول في هذا السوق، وترمح فيه، وقطر تسعى جاهدة لتعزيز حصتها في هذا السوق عبر استثمارات بشروط أفضل لمصر من الشروط الإماراتية..
وبالتالي لا يمكن لقطر أن تثير غضب مصر في السياسة لأن هذا قد يؤثر علىها في الاستثمار، خاصة والصندوق السيادي القطري مُتخم بالمال، والقطريون بحاجة للاستفادة من الفوائض المالية لديهم في استثمار آمن ومضمون النجاح، ومصر سوق جذاب وواعد وكله أرباح ..
** المؤكد أن مصر الدولة والنظام خط أحمر قطري منذ المصالحة..
** والمؤكد الآخر أن السيسي خط أحمر كذلك.
** وهذان الخطان حددتهما السياسة القطرية بنفسها، ولا تسمح لنفسها بتجاوزهما.
ابحث عن المستفيد من محاولة تحجيم دور قطر عربياً ودولياً، ومحاولة توتير علاقاتها مع مصر، وستعرف حقيقة الدس، ودق الأسافين، والتضليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى